اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَٰبٖ لِّكُلِّ بَابٖ مِّنۡهُمۡ جُزۡءٞ مَّقۡسُومٌ} (44)

قوله تعالى : { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } يجوز في هذه الجملة أن تكون مستأنفة ، وهو الظاهر ، ويجوز أن تكون خبراً ثانياً ، ولا يجوز أن تكون حالاً من " جَهنَّم " ؛ لأن " إنَّ " لا تعمل في الحال ، قال أبو البقاء . وقياس ما ذكروه في " لَيْتَ ، وكأنَّ ، ولعلَّ " من أخواتها من أعمالها في الحال ؛ لأنَّها بمعنى : تمنيَّتُ وشبهت ، وترجيت أن تعمل فيها " إنَّ " أيضاً ؛ لأنَّها بمعنى أكدتُ ، ولذلك عملت عمل الفعل ، وهي أصل الباب .

فصل

قال عليٌّ -كرم الله وجهه- : هل تدرون كيف أبواب النًَّار ؟ ووضع إحدى يديه على الأخرى ، أي : سبعةٌ أبوابٍ ، بضعها فوق بعض ، وأنَّ الله –تعالى- وضع الجنان على العرض ، ووضع النِّيران بعضها على بعض .

قال ابن جريج : النار سبع دركاتٍ : أولها جهنَّم ، ثمَّ لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية .

قال الضحاك : الطبقة الأولى : فيها أهل التوحيد ، يعذَّبون على قدر أعمالهم ثم يخرجون منها ، والثانية : لليهود والثالثة : للنَّصارى ، والرابعة : للصابئين{[19538]} ، وروي أن الثانية : للنصارى ، والثالثة : لليهودِ ، والرابعة : للصابئين ، والخامسة : للمجوسِِ ، والسادسة : للمشركين ، والسابعة : للمنافقين ؛ قال تعالى : { إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار } [ النساء : 145 ] .

قوله : " مِنهُمْ " يجوز أن يكون حالاً من " جُزءٌ " ؛ لأنَّه في الأصل صفة له ، فلما قدمت ، انتصبت حالاً ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر في الجارِّ ، وهو : " لكُلِّ بابٍ " ، والعامل في هذه الحال ، ما عمل في هذا الجارِّ ، ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير المستكن في : " مَقسُومٌ " ؛ لأنَّ الصفة لا تعمل فيها قبل الموصوف ، و لا يجوز أن تكون صفة ل " بابٍ " ؛ لأنَّ الباب ليس من النَّاس .

وقرأ أبو جعفر : " جُزٌّ " بتشديد الزَّاي من غير همزٍ ، فكأنه ألقى حركة الهمزة على الزَّاي ، ووقف عليها فشدَّدها ؛ كقولك : " خَبّ " في " خبءُ خالد " ثم أجري الوصل مجرى الوقف .

الجُزِْءُ : بعض الشيء ، والجمع : أجزاء ، وجَزَّأتهُ : جعلته أجزاء . والمعنى : أنه –تعالى- يُجزِّئ أبتاع إبليس أجزاءً ، أي : يجعلهم أقساماً ، ويدخل في كل باب من أبواب جهنَّم طائفة ؛ والسبب في ذلك : أنَّ مراتبَ الكفر مختلفةٌ بالغلظةِ والخفة .


[19538]:ذكره البغوي في "تفسيره" (3/51) والرازي (19/151).