نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَٰبٖ لِّكُلِّ بَابٖ مِّنۡهُمۡ جُزۡءٞ مَّقۡسُومٌ} (44)

ثم بين أنهم متفاوتون فيها فقال : { لها سبعة أبواب } قال الرماني : وهي أطباق بعضها فوق بعض - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن وقتادة وابن جريح رحمهم الله { لكل باب منهم } أي الغاوين خاصة ، لا يشاركهم فيه مخلص { جزء مقسوم * } معلوم لنا من القدم لتقديرنا إياه ، لا يزيد شيئاً ولا ينقص شيئا ، فلا فعل فيه بغير التسبب الذي أظهرناه ، لنربط به الأحكام على ما يقتضيه عقولكم ومجاري عاداتكم ، وعن ابن جريح أن العليا جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية ، وفي نسخة تقديم سقر على لظى ، وعن الضحاك أن العليا لأهل التوحيد ، ثم يخرجون ، والثانية للنصارى ، والثالثة لليهود ، والرابعة للصابئة ، والخامسة للمجوس ، والسادسة لمشركي العرب ، والسابعة للمنافقين ، والسبب في تصاعدها اختلاف أنواع الكفر في الغلظ والخفة

( ولا يظلم ربك أحداً }[ الكهف :49 ] رحمة منه سبحانه ، ولعلها كانت سبعة باعتبار أصناف الكفار ، لأنهم إما معطلة أو مثبتة ، والمثبتة إما يهود أو صابئة أو نصارى أو مجوس أو عباد أوثان ، والكل إما مصارحون أو منافقون ، ولما كان المنافق لا يعرف ظاهراً من أيّها هو ؟ عدَّ قسماً واحداً ووكل أمره في ميزه إلى العليم الخبير ، ولما كان الكل عاملين بما لم يأذن به الله كانوا في حكم المعطلة ، لوصفهم الله بغير صفته ، فرجعت الأقسام إلى ستة ، فأضيفت إليها العصاة من كل فرقة فجعلت جزء الطبقة العليا من النار مقابلة لقسم المنافقين من كل أمة ، لعملهم أعمال الكفار مع الإيمان ، كما أن عمل المنافقين عمل المؤمنين مع الكفران ، فكانوا أخفى الكفار فكان لهم الدرك الأسفل من النار ، ثم رأيت في " رشف النصائح الإيمانية وكشف الفضائح اليونانية " للعارف بالله تعالى شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي رحمه الله أنها جعلت سبعة على وفق الأعضاء السبعة من العين ، والأذن ، واللسان ، والبطن ، والفرج ، واليد ، والرجل ، لأنها مصادر السيئات ، فكانت مواردها الأبواب السبعة - وهو مأخوذ من كتاب المحاسبة من كتاب الإحياء للإمام الغزالي - ولما كانت هي بعينها مصادر الحسنات بشرط النية ، والنية من أعمال القلب ، زادت الأعضاء واحداً ، فجعلت أبواب الجنان ثمانية هذا معنى قوله ، قال : وأعمال القلوب من السيئات غير مؤاخذ بها .