الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{لَهَا سَبۡعَةُ أَبۡوَٰبٖ لِّكُلِّ بَابٖ مِّنۡهُمۡ جُزۡءٞ مَّقۡسُومٌ} (44)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 43]

يقول تعالى ذكره لإبليس: وإن جهنم لموعد من تبعك أجمعين.

"لها سَبْعَةُ أبوابٍ" يقول: لجهنم سبعة أطباق، لكلَ طَبَق منهم: يعني من أتباع إبليس جزء، يعني: قسما ونصيبا مقسوما. وذُكر أن أبواب جهنم طبقات بعضها فوق بعض.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 43]

{لها سبعة أبواب} تحتمل الأبواب المعروفة، وتحتمل الأبواب الموارد والجهات التي تكون لها.

ألا ترى أنه قال: {لكل باب منهم جزء مقسوم}؟ فهذا يدل أن المراد بالأبواب الموارد والدَّركات لا نفس الأبواب؛ إذ {جزء مقسوم} إنما يكون للدَّركات، لا يكون للأبواب نفسها.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

... "لكل باب جزء "من المستحقين للعقوبة على قدر استحقاقهم من العقاب، في القلة والكثرة بحسب كثرة معاصيهم وقلتها.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 43]

اجتمعوا اليومَ في أصل الضلالة، ثم الكفر مِلَلٌ مختلفةٌ، ثم يجتمعون غداً في العقوبة وهم زُمَرٌ مختلفون، لكلِّ دَرَكَةٍ من دركات جهنم قوم مُخَصُّون.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

... والمعنى: أنه تعالى يجزئ أتباع إبليس أجزاء، بمعنى أنه يجعلهم أقساما وفرقا، ويدخل في كل قسم من أقسام جهنم طائفة من هؤلاء الطوائف. والسبب فيه أن مراتب الكفر مختلفة بالغلظ والخفة، فلا جرم صارت مراتب العذاب والعقاب مختلفة بالغلظ والخفة، والله أعلم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{لكل باب منهم} أي الغاوين خاصة، لا يشاركهم فيه مخلص {جزء مقسوم} معلوم لنا من القدم لتقديرنا إياه، لا يزيد شيئاً ولا ينقص شيئا، فلا فعل فيه بغير التسبب الذي أظهرناه، لنربط به الأحكام على ما تقتضيه عقولكم ومجاري عاداتكم...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{جُزْء مَّقْسُومٌ} حزبٌ معينٌ مُفرَزٌ من غيره حسبما يقتضيه استعدادُه..

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} أي سبع طبقات ينزلونها بحسب مراتبهم في الغواية والمتابعة روى ذلك عن عكرمة. وقتادة، وأخرج أحمد في الزهد. والبيهقي في البعث. وغيرهما من طرق عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: «أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض فيملأ الأول ثم الثاني ثم الثالث حتى تملأ كلها»... وذكر السهيلي في كتاب الإعلام أنه وقع في كتب الرقائق أسماء هذه الأبواب ولم ترد في أثر صحيح، وظاهر القرآن والحديث يدل على أن منها ما هو من أوصاف النار نحو السعير والجحيم والحطمة والهاوية، ومنها ما هو علم للنار كلها نحو جهنم وسقر ولظى فلذا أضربنا عن ذكرها. اه، وأقرب الآثار التي وقفنا عليها إلى الصحة فيما أظن ما روى عن علي كرم الله تعالى وجهه لكثرة مخرجيه، وتحتاج جميع الآثار إلى التزام أن يقال: إن جهنم تطلق على طبقة مخصوصة كما تطلق على النار كلها، وقيل: الأبواب على بابها والمراد أن لها سبعة أبواب يدخلونها لكثرتهم والإسراع بتعذيبهم. والجملة كما قال أبو البقاء يجوز أن تكون خبراً ثانياً ويجوز أن تكون مستأنفة ولا يجوز أن تكون حالاً من جهنم لأن إن لا تعمل في الحال..

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) فهؤلاء الغاوون صنوف ودرجات. والغواية ألوان وأشكال. ولكل باب منهم جزء مقسوم، بحسب ما يكونون وما يعملون. وينتهي المشهد وقد وصل السياق بالقصة إلى نقطة التركيز وموضع العبرة. ووضح كيف يسلك الشيطان طريقه إلى النفوس. وكيف تغلب خصائص الطين في الإنسان على خصائص النفخة. فأما من يتصل بالله ويحتفظ بنفخة روحه فلا سلطان عليه للشيطان..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الظاهر أن السبعة مستعملة في الكثرة فيكون كقوله: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب} [سورة الرعد: 23]؛ أو أريد بالأبواب الكناية عن طبقات جهنم لأن الأبواب تقتضي منازل فهي مراتب مناسبة لمراتب الإجرام بأن تكون أصول الجرائم سبعة تتفرع عنها جميع المعاصي الكبائر. وعسى أن نتمكن من تشجيرها في وقت آخر. وقد يكون من جملة طبقاتها طبقة النفاق قال تعالى: {إن المنافقين في الدركِ الأسفل من النار} [سورة النساء: 145]. وانظر ما قدمناه من تفريع ما ينشأ عن النفاق من المذام في قوله تعالى {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر} في سورة البقرة (8).

وجملة {لكل باب منهم جزء مقسوم} صفة ل {أبواب} وتقسيمها بالتعيين يعلمه الله تعالى. وضمير {منهم} عائد ل {من اتبعك من الغاوين}، أي لكل باب فريق يدخل منه، أو لكل طبقة من النار قسم من أهل النار مقسوم على طبقات أقسام النار.

واعلم أن هذه الأقوال التي صدرت من الشيطان لدى الحضرة القدسية هي انكشاف لجبلّة التطور الذي تكيّفت به نفس إبليس من حينَ أبى من السجود وكيف تولدَ كل فصل من ذلك التطور عما قبله حتى تقومت الماهية الشيطانية بمقوماتها كاملة عندما صدر منه قوله: {لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} [سورة الحجر: 39، 40]، فكلّما حَدث في جبلّته فصْل من تلك الماهية صدر منه قول يدل عليه؛ فهو شبيه بنطق الجوارح بالشهادة على أهل الضلالة يوم الحساب.

وأما الأقوال الإلهية التي أجيبت بها أقوال الشيطان فمظهر للأوامر التكوينية التي قدّرها الله تعالى في علمه لتطور أطوار إبليس المقومة لماهية الشيطنة، وللألطاف التي قدرها الله لمن يعتصم بها من عباده لمقاومة سلطان الشيطان. وليست تلك الأقوال كلها بمناظرة بين الله وأحد مخلوقاته ولا بغلبة من الشيطان لخالقه، فإن ضعفه تُجاهَ عزّة خالقه لا يبلغ به إلى ذلك.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وفي جهنم يكون موعد هؤلاء الغاوين، ومعهم إبليس الذي أبى واستكبر، وصمم على غواية البشر، وألوان العذاب ستختلف، ولكل جماعة لهم جريمة يقرنون بها معاً... ولكل باب من أبواب جهنم جماعة تدخل منه ربطت بينهم في الدنيا معصية ما؛ وجمعهم في الدنيا ولاء ما، وتكونت من بينهم صداقات في الدنيا، واشتركوا بالمخالطة؛ ولذلك فعليهم الاشتراك في العقوبة والنكال. وهكذا يتحقق قول الحق سبحانه: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} (سورة الزخرف 67)...وكل جزء له قسم معين به؛ وفي كل قسم دركات، لأن الجنة درجات، والنار دركات تنزل إلى أسفل...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ} فهي تتسع للداخلين إليها، ولا تضيق عن أحدٍ منهم، لأنها تنفتح من خلال هذه الأبواب على أكثر من موقع...