معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً} (10)

{ فعصوا رسول ربهم } يعني لوطاً وموسى ، { فأخذهم أخذةً رابية } نامية . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : شديدة . وقيل : زائدة على عذاب الأمم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً} (10)

وقوله : فَعَصَوْا رَسُولَ رَبّهِمْ يقول جلّ ثناؤه : فعصى هؤلاء الذين ذكرهم الله ، وهم فرعون ومن قبله والمؤتفكات رسول ربهم .

وقوله : فأخَذَهُمْ أخْذَةً رَابِيَةً يقول : فأخذهم ربهم بتكذيبهم رسله أخذة ، يعني أخذة زائدة شديدة نامية ، من قولهم : أربيت : إذا أخذ أكثر مما أعطى من الربا يقال : أربيتَ فرَبا رِباك ، والفضة والذهب قد رَبَوا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ينا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أخْذَةً رَابِيَةً قال : شديدة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فأخَذَهُمْ أخْذَةً رَابِيَةً يعني أخذة شديدة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله الله : فأخَذَهُمْ أخْذَةً رَابِيَةً قال : كما يكون في الخير رابية كذلك يكون في الشرّ رابية ، قال : ربا عليهم : زاد عليهم ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : إنّ الّذِينَ كَفَرُوا وَصَدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ زِدْناهُمْ عَذَابا فَوْقَ العَذَابِ ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : وَالّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وآتاهُمْ تَقْوَاهُمْ يقول : ربا لهؤلاء الخير ولهؤلاء الشرّ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً} (10)

وضمير ( عصوا ) يجوز أن يرجع إلى { فرعون } باعتباره رأس قومه ، فالضمير عائد إليه وإلى قومه ، والقرينة ظاهرة على قراءة الجمهور ، وإما على قراءة أبي عمرو والكسائي فالأمر أظهر وعلى هذا الاعتبار في محل ضمير ( عصوا ) يكون المراد ب { رسول ربّهم } موسى عليه السلام . وتعريفه بالإِضافة لما في لفظ المضاف إليه من الإِشارة إلى تخطئتهم في عبادة فرعون وجعلهم إياه إلها لهم .

ويجُوز أن يرجع ضمير ( عصوا ) إلى { فرعون ومَن قبله والمؤتفكات .

و{ رسول ربّهم } هو الرسول المرسل إلى كل قوم من هؤلاء .

فإفراد { رسول } مراد به التوزيع على الجماعات ، أي رسول الله لكل جماعة منهم ، والقرينة ظاهرة ، وهو أجمل نظماً من أن يقال : فعصوا رسُل ربّهم ، لما في إفراد { رسول } من التفنن في صيغ الكلم من جمع وإفراد تفادياً من تتابع ثلاثة جموع لأن صيغ الجمع لا تخلو من ثقل لقلة استعمالها وعكسه قوله في سورة الفرقان ( 37 ) { وقومَ نوح لمّا كذَّبوا الرُسل أغرقناهم } ، وإنما كذبوا رسولاً واحداً ، وقوله : { كذبت قوم نوح المرسلين } وما بعده في سورة الشعراء ( 105 ) ، وقد تقدم تأويل ذلك في موضعه .

والأخذ : مستعمل في الإِهلاك ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } في سورة الأنعام ( 44 ) وفي مواضع أخرى .

و{ أخْذَةً } : واحدة من الأخذ ، فيراد بها أخذ فرعون وقومه بالغرق ، كما قال تعالى : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } [ القمر : 42 ] ، وإذا أعيد ضمير الغائب إلى { فرعون ومن قبله والمؤتفكات } كان إفراد الأخذة كإفراد { رسول ربّهم ، } أي أخذنا كل أمة منهم أخذة .

والرابية : اسم فاعل من ربَا يَربو إذا زاد فلما صيغ منه وزن فاعلة ، قلبت الواو ياء لوقوعها متَحركة إثر كسرة .

واستعير الرُّبُوّ هنا للشدة كما تستعار الكثرة للشدة في نحو قوله تعالى : { وادعوا ثبوراً كثيراً } [ الفرقان : 14 ] .

والمراد بالأخذة الرابية : إهلاك الاستئصال ، أي ليس في إهلاكهم إبقاء قليل منهم .