اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً} (10)

قوله : { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ } إن عاد الضمير إلى فرعون ، ومن قبله ، فرسول ربِّهم موسى - عليه الصلاة والسلام - .

وإن كان عائداً إلى أهلِ المؤتفكاتِ ، فرسولُ ربِّهم لوط عليه الصلاة والسلام .

قال الواحديُّ : والوجه أن يقال : المراد بالرسول كلاهما للخبر عن الأمتين بعد ذكرهما بقوله : «فَعَصَوْا » فيكون كقوله : { إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين } .

قال القرطبي{[57746]} : وقيل : «رسول » بمعنى رسالة ، وقد يعبر عن الرسالة بالرسول ، كقوله : [ الطويل ]

4843 - لَقَدْ كَذَبَ الواشُونَ ما بُحْتُ عِندهُمْ***بِسِرِّ ولا أرْسلتُهُمْ بِرسُولِ{[57747]}

قوله : { فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } ، أي : عالية زائدة على الأخذات ، وعلى عذاب الأمم ، يقال : ربا الشيء يربوا إذا زاد ، ومنه الرِّبا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطي .

والمعنى : أنها كانت زائدة في الشدة على عقوبات سائر الكفار ، كما أن أفعالهم كانت زائدة في القُبحِ على أفعال سائرِ الكفار .

وقيل : إن عقوبة آل فرعون في الدنيا متعلقة بعذاب الآخرة ، لقوله : { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً }[ نوح : 25 ] وعقوبة الآخرة أشد من عقوبة الدُّنيا ، فتلك العقوبة كأنها كانت تنمو وتربو .


[57746]:الجامع لأحكام القرآن 18/170.
[57747]:تقدم.