معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

{ والرجز فاهجر } قرأ أبو جعفر ، وحفص عن عاصم ويعقوب : { والرجز } بضم الراء ، وقرأ الآخرون بكسرها وهما لغتان ومعناهما واحد . قال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري ، وابن زيد ، وأبو سلمة : المراد بالرجز الأوثان ، قال : فاهجرها ولا تقربها . وقيل : الزاي فيه منقلبة عن السين ، والعرب تعاقب بين السين والزاي لقرب مخرجهما ، ودليل هذا التأويل قوله : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }( الحج- 30 ) . وروي عن ابن عباس أن معناه : اترك المآثم . وقال أبو العالية والربيع : { الرجز } بضم الراء : الصنم ، وبالكسر : النجاسة والمعصية . وقال الضحاك : يعني الشرك . وقال الكلبي : يعني العذاب . ومجاز الآية : اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

وَالرّجْزَ فاهْجُرْ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة : «والرّجْز » بكسر الراء ، وقرأه بعض المكيين والمدنيين والرّجْزَ بضم الراء ، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان ، وقال : معنى الكلام : والأوثان فاهجر عبادتها ، واترك خدمتها ، ومن كسر الراء وجّهه إلى العذاب ، وقال : معناه : والعذاب فاهجر ، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، والضمّ والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد ، ولم نجد أحدا من من متقدّمي أهل التأويل فرّق بين تأويل ذلك ، وإنما فرّق بين ذلك فيما بلغنا الكسائيّ .

واختلف أهل التأويل في معنى الرّجْزَ في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو الأصنام . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَالرّجْزَ فاهْجُرْ يقول : السخط وهو الأصنام .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال : الأوثان .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل قال أبو جعفر : أحسبه أنا عن جابرٍ عن مجاهد وعكرِمة وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال : الأوثان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَالرّجْزَ فاهْجُرْ : إساف ونائلة ، وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما ، فأمر الله نبيّهُ صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال : هي الأوثان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال : الرجز : آلهتهم التي كانوا يعبدون أمره أن يهجرها ، فلا يأتيها ، ولا يقربها .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : والمعصية والإثم فاهجر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال الإثم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَالرّجْزَ فاهْجُرْ يقول : اهجر المعصية .

وقد بيّنا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ} (5)

{ الرجز } : يقال بكسر الراء وضمها وهما لغتان فيه والمعنى واحد عند جمهور أهل اللغة . وقال أبو العالية والربيع والكسائي : الرّجز بالكسر العذاب والنجاسة والمعصية ، وبالضم الوثن . ويحمل الرجز هنا على ما يشمل الأوثان وغيرها من أكل الميتة والدم .

وتقديم { الرجز } على فعل ( اهجر ) للاهتمام في مهيع الأمر بتركه .

والقول في { والرجز فاهجر } كالقول في { وربّك فكبّر .

والهجر : ترك المخالطة وعدم الاقتراب من الشيء . والهجر هنا كناية عن ترك التلبس بالأحوال الخاصة بأنواع الرجز لكل نوع بما يناسبه في عرف الناس .

والأمر بهجر الرجز يستلزم أن لا يعبد الأصنام وأن ينفي عنها الإلهية .