معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (102)

قوله تعالى : { فهل ينتظرون } ، يعني : مشركي مكة ، { إلا مثل أيام الذين خلوا } ، مضوا ، { من قبلهم } ، من مكذبي الأمم ، قال قتادة : يعني وقائع الله في قوم نوح وعاد وثمود . والعرب تسمي العذاب أياما ، والنعيم أياما ، كقوله : { وذكرهم بأيام الله } [ إبراهيم-5 ] ، وكل ما مضى عليك من خير وشر فهو أيام ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (102)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ الّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوَاْ إِنّي مَعَكُمْ مّنَ الْمُنْتَظِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم محذّرا مشركي قومه من حلول عاجل نقمة بساحتهم نحو الذي حلّ بنظرائهم من قبلهم من سائر الأمم الخالية من قبلهم السالكة في تكذيب رسل الله وجحود توحيد ربهم سبيلهم : فهل ينتظر يا محمد هؤلاء المشركون من قومك المكذّبون بما جئتهم به من عند الله ، إلا يوما يعاينون فيه من عذاب الله مثل أيام أسلافهم الذي كانوا على مثل الذي هم عليه من الشرك والتكذيب الذين مضوا قبلهم فخلَوْا من قوم نوح وعاد وثمود ، قل لهم يا محمد : إن كانوا ذلك ينتظرون ، فانتظروا عقاب الله إياكم ونزول سخطه بكم ، إني من المنتظرين هلاككم وبواركم بالعقوبة التي تحل بكم من الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إلاّ مِثْلَ أيامِ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ يقول : وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إلاّ مِثْلَ أيامِ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فانْتَظِرُوا إني مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرينَ قال : خوّفهم عذابه ونقمته وعقوبته ، ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر أنجى الله رسله والذين آمنوا معه ، فقال الله : ثُمّ نُنَجّي رُسُلَنا والّذِينَ آمَنُوا كذلكَ حَقّا عَلَيْنا نُنْجِ المُؤْمِنينَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (102)

هذا وعيد وحض على الإيمان ، أي إذا لجوا في الكفر حل بهم العذاب ، وإذا آمنوا نجوا ، هذه سنة الله في الأمم الخالية ، فهل عند هؤلاء غير ذلك . وهو استفهام بمعنى التوقيف ، وفي قوله { قل فانتظروا } مهادنة ما ، وهي من جملة ما نسخه القتال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَهَلۡ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثۡلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ قُلۡ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (102)

تفريع على جملة { ما تغني الآيات والنذر } [ يونس : 101 ] باعتبار ما اشتملت عليه من ذكر النُذُر . فهي خطاب من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أي يتفرع على انتفاء انتفاعهم بالآيات والنذر وعلى إصْرارهم أنْ يُسأل عنهم : ماذا ينتظرون ، ويجاب بأنهم ما ينتظرون إلا مِثل ما حلّ بمن قبلهم ممن سِيقت قصصهم في الآيات الماضية ، ووقع الاستفهام ب { هل } لإفادتها تحقيق السؤال وهو باعتبار تحقيق المسؤول عنه وأنه جدير بالجواب بالتحْقيق .

والاستفهام مجاز تهكمي إنكاري ، نزلوا منزلة من ينتظرون شيئاً يأتيهم ليؤمنوا ، وليس ثمة شيء يصلح لأن ينتظروه إلا أن ينتظروا حلول مثل أيام الذين خلوا من قبلهم التي هلكوا فيها . وضمن الاستفهام معنى النفي بقرينة الاستثناء المفرَّغ . والتقدير : فهل ينتظرون شيئاً مَا ينتظرون إلاّ مثل أيام الذين خلوا من قبلهم . وأطلقت الأيام على ما يقع فيها من الأحداث العظيمة . ومن هذا إطلاق « أيام العرب » على الوقائع الواقعة فيها .

وجملة : { قل فانتظروا } مفرعة على جملة : { فهل ينتظرون } . وفصل بين المفرّع والمفرّع عليه ب { قُل } لزيادة الاهتمام . ولينتقل من مخاطبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم قومه وبذلك يصير التفريع بين كلامين مختلفَي القائل شبيهاً بعطف التلقين الذي في قوله تعالى : { قال ومن ذريتي } [ البقرة : 124 ] . على أن الاختلاف بين كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام الوحي والتبليغ اختلاف ضعيف لأنهما آئلان إلى كلام واحد . وهذا موقع غريب لفاء التفريع .

وبهذا النسج حصل إيجاز بديع لأنه بالتفريع اعتبر ناشئاً عن كلام الله تعالى فكأنّ الله بلغه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبلّغه قومه فليس له فيه إلاّ التبليغ ، وهو يتضمن وعد الله نبيئه بأنه يرى ما ينتظرهم من العذاب ، فهو وعيد وهو يتضمن النصر عليهم . وسيصرح بذلك في قوله : { ثم ننجي رسلنا } .

وجملة : { إني معكم من المنتظرين } استئناف بياني ناشىء عن جملة : { انتظروا } لأنها تثير سؤال سائل يقول : ها نحن أولاء ننتظر وأنت ماذا تفعل . وهذا مستعمل كناية عن ترقبه النصر إذ لا يظن به أنه ينتظر سوءاً فتعين أنه ينتظر من ذلك ضد ما يحصل لهم ، فالمعية في أصل الانتظار لا في الحاصل بالانتظار . و ( مع ) حال مؤكدة . و { من المنتظرين } خبر ( إنّ ) ومفاده مفاد ( مع ) إذ ماصدق المنتظرين هم المخاطبون المنتظرون .