معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ} (7)

{ وهم } يعني الملك وأصحابه الذين خدوا الأخدود ، { على ما يفعلون بالمؤمنين } من عرضهم على النار وإرادتهم أن يرجعوا إلى دينهم ، { شهود } حضور ، وقال مقاتل : يعني يشهدون أن المؤمنين في ضلال حين تركوا عبادة الصنم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ} (7)

وجملة { وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بالمؤمنين شُهُودٌ } فى موضع الحال من الضمير فى قوله : { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } . أى : أن هؤلاء الطغاة الظالمين ، لم يكتفوا بإشعال النار ، والقعود حولها وهم يعذبون المؤمنين ، بل أضافوا إلى ذلك ، أنهم يشهدون تعذيبهم ، ويرونه بأعينهم على سبيل التشفى منهم ، فقوله { شهود } بمعنى حضور ، أو بمعنى يشهد بعضهم لبعض أمام ملكهم الظالم ، بأنهم ما قصروا فى تعذيب المؤمنين ، وهذا الفعل منهم . يدل على نهاية القسوة والظلم ، وعلى خلو قلوبهم من أى رحمة أو شفقة .

قال الآلوسى : وقوله : { وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بالمؤمنين شُهُودٌ } أى : يشهد بعضهم لبعض عند الملك ، بأن أحدا لم يقصر فيما أمر به ، أو يشهدون عنده على حسن ما يفعلون . . أو يشهد بعضهم على بعض بذلك الفعل الشنيع يوم القيامة ، أو يشهدون على أنفسهم بذلك ، كما قال - تعالى - : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .

وقيل : " على " بمعنى مع . أى : وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين من العذاب حضور ، لا يرقون لهم ، لغاية قسوة قلوبهم . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ} (7)

وأعيد ضمير { هم } في قوله : { وهم على ما يفعلون } ليتعيّن أن يكون عائداً إلى بعض أصحاب الأخدود .

وضمير { يفعلون } يجوز أن يعود إلى { أصحاب الأخدود } ، فمعنى كونهم شهوداً على ما يفعلونه : أن بعضهم يشهد لبعض عند الملك بأن أحداً لم يفرط فيما وكّل به من تحريق المؤمنين ، فضمائر الجمع وصيغته موزعة .

ويجوز أن يعود الضمير إلى ما تقتضيه دلالة الاقتضاء من تقسيم أصحاب الأخدود إلى أمراء ومأمورين شأن الأعمال العظيمة ، فلمّا أخبر عن أصحاب الأخدود بأنهم قعود على النار عُلم أنهم الموكلون بمراقبة العمال . فعُلم أن لهم أتباعاً من سَعَّارين ووزَعَة فهم معاد ضمير يفعلون .

وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون شهود جمع شاهد بمعنى مخبر بحق ، وأن يكون بمعنى حاضر ومراقب لظهور أن أحداً لا يشهد على فعل نفسه .

وجملة { وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود } في موضع الحال من ضمير { إذ هم عليها قعود } كأنه قيل : قعود شاهدين على فِعلهم بالمؤمنين على الوجهين المتقدّمين في معاد ضمير { يفعلون } ، وفائدة هذه الحال تفظيع ذلك القعود وتعظيمُ جُرمه إذ كانوا يشاهدون تعذيب المؤمنين لا يرأفون في ذلك ولا يشمئزون ، وبذلك فارقَ مضمون هذه الجملة مضمون جملة : { إذ هم عليها قعود } باعتبار تعلق قوله : { بالمؤمنين شهود } .

وفي الإِتيان بالموصول في قوله : { ما يفعلون بالمؤمنين } من الإِبْهام ما يفيد أن لِمُوقِدِي النارِ من الوزَعَة والعملة ومن يباشرون إلقاء المؤمنين فيها غلظةً وقسوة في تعذيب المؤمنين وإهانتهم والتمثيل بهم ، وذلك زائد على الإِحراق .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ} (7)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ "يعني: حضور...عن قتادة "وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ" يعني بذلك الكفار.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ومعنى شهادتهم على إحراق المؤمنين: أنهم وكلوا بذلك وجعلوا شهوداً يشهد بعضهم لبعض عند الملك أنّ أحداً منهم لم يفرط فيما أمر به وفوض إليه من التعذيب. ويجوز أن يراد: أنهم شهود على ما يفعلون بالمؤمنين، يؤدّون شهادتهم يوم القيامة {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النور: 24]...

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

وفيه حث للمؤمنين على الصبر وتحمل أذى أهل مكة...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

أي حضور يشاهدون احتراق الأجساد الحية، وما تفعل بها النيران لا يرقون لهم لغاية قسوة قلوبهم...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

وفي هذا إيماء إلى قسوة قلوبهم، وتمكن الكفر منهم، إلى ما فيه من إشارة إلى قوة اصطبار المؤمنين وشدة جلدهم، ورباطة جأشهم، واستمساكهم بدينهم...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

قريبون من عملية التعذيب البشعة، يشاهدون أطوار التعذيب، وفعل النار في الأجسام في لذة وسعار، كأنما يثبتون في حسهم هذا المشهد البشع الشنيع!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وأعيد ضمير {هم} في قوله: {وهم على ما يفعلون} ليتعيّن أن يكون عائداً إلى بعض أصحاب الأخدود. وضمير {يفعلون} يجوز أن يعود إلى {أصحاب الأخدود}، فمعنى كونهم شهوداً على ما يفعلونه: أن بعضهم يشهد لبعض عند الملك بأن أحداً لم يفرط فيما وكّل به من تحريق المؤمنين، فضمائر الجمع وصيغته موزعة. ويجوز أن يعود الضمير إلى ما تقتضيه دلالة الاقتضاء من تقسيم أصحاب الأخدود إلى أمراء ومأمورين شأن الأعمال العظيمة، فلمّا أخبر عن أصحاب الأخدود بأنهم قعود على النار عُلم أنهم الموكلون بمراقبة العمال. فعُلم أن لهم أتباعاً من سَعَّارين ووزَعَة فهم معاد ضمير يفعلون. وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون شهود جمع شاهد بمعنى مخبر بحق، وأن يكون بمعنى حاضر ومراقب لظهور أن أحداً لا يشهد على فعل نفسه. وجملة {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} في موضع الحال من ضمير {إذ هم عليها قعود} كأنه قيل: قعود شاهدين على فِعلهم بالمؤمنين على الوجهين المتقدّمين في معاد ضمير {يفعلون}، وفائدة هذه الحال تفظيع ذلك القعود وتعظيمُ جُرمه إذ كانوا يشاهدون تعذيب المؤمنين لا يرأفون في ذلك ولا يشمئزون...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

والآيتان: (إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)، تشيران إلى ذلك الجمع من النّاس الذين حضروا الواقعة، وهم ينظرون إلى ما يحدث بكل تلذذ وبرود وفي منتهى قساوة القلب (سادية)! وقيل: الإشارة إلى المأمورين بتنفيذ التهديد، وإجبار المؤمنين على ترك إيمانهم. وقيل أيضاً: إنّهم كانوا فريقين، فريق يباشر التعذيب، وآخر حضر للمشاهدة، وقد اُشرك الجميع في هذا العمل لرضاهم به. وهذه صورة طبيعية الوقوع، حيث هناك مَن يأمر (الرؤساء)، ومَن ينفذ (المرؤسون)، وثمّة المشاهدون من غير الآمر والمأمور. وقيل أيضاً: ثمّة فريق منهم كان مكلفاً بمراقبة عملية التنفيذ لرفع تقاريرهم إلى السلطان عن كيفية أداء المأمورين لواجباتهم السلطانية. ولا يبعد وجود كلّ ما ذُكر من أصناف في ذلك المشهد المروع، كما وبالإمكان الجمع بين كلَّ الآراء المطروحة. ومجيء فعل جملة «يفعلون» بصيغة المضارع، للإشارة إلى أنّ ذلك العمل قد استغرق وقتاً طويلاً، وما كان بالحدث السريع العابر...