معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (91)

قوله تعالى : { فسلام لك من أصحاب اليمين } أي : سلامة لك يا محمد منهم ، فلا تهتم لهم ، فإنهم سلموا من عذاب الله ، وأنك ترى فيهم ما تحب من السلامة . قال مقاتل : هو أن الله تعالى يتجاوز عن سيئاتهم ويقبل حسناتهم . وقال الفراء وغيره : مسلم لك أنهم من أصحاب اليمين ، أو يقال لصاحب اليمين : مسلم لك إنك من أصحاب اليمين ، فألقيت إن كان الرجل يقول إني مسافر عن قليل ، فيقول له : أنت مصدق مسافر عن قليل ، وقيل : { فسلام لك } يعني : عليك من أصحاب اليمين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (91)

{ فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين } أى : فتقول له الملائكة عند قبض روحه وفى قبره ، وفى الجنة ، سلام لك يا صاحب اليمين ، من أمثالك أصحاب اليمين .

قال الآلوسى : وقوله : { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليمين } قيل هو على تقدير القول . أى : فيقال لذلك المتوفى منهم : سلام لك عما يشغل القلب من جهتهم فإنهم فى خير . أى : كن فارغ البال من جهتهم فإنهم بخير .

وذكر بعض الأجلة أن هذه الجملة ، كلام يفيد عظمة حالهم ، كما يقال : فلان ناهيك به ، وحسبك أنه فلان ، إشارة إلى أنه ممدوح فوق حد التفصيل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (91)

{ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ } أي : تبشرهم الملائكة بذلك ، تقول لأحدهم : سلام لك ، أي : لا بأس عليك ، أنت إلى سلامة ، أنت من أصحاب اليمين .

وقال قتادة وابن زيد : سَلِمَ من عذاب الله ، وسَلَّمت عليه ملائكة الله . كما قال عِكْرِمَة تسلم عليه الملائكة ، وتخبره أنه من أصحاب اليمين .

وهذا معنى حسن ويكون ذلك كقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } [ فصلت : 30 - 32 ] .

وقال البخاري : { فَسَلامٌ لَكَ } أي : مُسلم لك ، أنك من أصحاب اليمين . وألغيت " إن " {[28193]} وهو : معناها ، كما تقول : أنت مُصَدق مسافر عن قليل . إذا كان قد قال : إني مسافر عن قليل . وقد يكون كالدعاء له ، كقولك : سقيًا لك من الرجال ، إن رفعت " السلام " فهو من الدعاء{[28194]} .

وقد حكاه ابن جرير هكذا عن بعض أهل العربية ، ومال إليه ، والله أعلم{[28195]} .


[28193]:- (1) في م: "من".
[28194]:- (2) صحيح البخاري (8/625) "فتح".
[28195]:- (3) تفسير الطبري (27/123).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (91)

والسلام : اسم للسلامة من المكروه ، ويطلق على التحية ، واللام في قوله : { لك } للاختصاص .

والكلام إجمال للتنويه بهم وعلوّ مرتبتهم وخلاصهم من المكدرات لتذهب نفس السامع كل مذهب .

واختلف المفسرون في قوله : { فسلام لك من أصحاب اليمين } فقيل : كاف الخطاب موجهة لغير معين ، أي لكل من يسمع هذا الخبر . والمعنى : أن السلامة الحاصلة لأصحاب اليمين تسر من يبلغه أمرها . وهذا كما يقال : ناهيك به ، وحسبك به ، و ( من ) ابتدائية ، واللفظ جرى مجرى المثل فطوي منه بعضه ، وأصله : فلهم السلامة سلامة تسرّ من بلغه حديثها .

وقيل : الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم وتقرير المعنى كما تقدم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يُسرّ بما يناله أهل الإسلام من الكرامة عند الله وهم ممن شملهم لفظ { أصحاب اليمين } . وقيل : الكلام على تقدير القول ، أي فيقال له : سلام لك ، أي تقول له الملائكة .

و { من أصحاب اليمين } خبر مبتدأ محذوف ، أي أنت من أصحاب اليمين ، و { من } على هذا تبعيضية ، فهي بشارة للمخاطب عند البعث على نحو قوله تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد : 23 ، 24 ] .

وقيل : الكاف خطاب لمن كان من أصحاب اليمين على طريقة الالتفات . ومقتضى الظاهر أن يقال : فسلام له ، فعدل إلى الخطاب لاستحضار تلك الحالة الشريفة ، أي فيسلم عليه أصحاب اليمين على نحو قوله تعالى : { وتحيتهم فيها سلام } [ يونس : 10 ] أي يبادرونه بالسلام ، وهذا كناية عن كونه من أهل منزلتهم ، و { من } على هذا ابتدائية .

فهذه محامل لهذه الآية يستخلص من مجموعها معنى الرفعة والكرامة .