الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَسَلَٰمٞ لَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡيَمِينِ} (91)

وقوله تعالى : { فسلام لَّكَ مِنْ أصحاب اليمين } : عبارة تقتضي جملةَ مدحٍ وصفةَ تخلُّصٍ ، وحصولَ عالٍ من المراتب ، والمعنى : ليس في أمرهم إلاَّ السلامُ والنجاةُ من العذاب ؛ وهذا كما تقول في مدح رجل : أَمَّا فلان فناهيك به ، فهذا يقتضي جملةً غيرَ مفصلة من مدحه ، وقدِ اضطربت عباراتُ المُتَأَوِّلِينَ في قوله تعالى : { فسلام لَّكَ } فقال قوم : المعنى : فيقال له سلام لك إنَّكَ من أصحاب اليمين ، وقال الطبريُّ : { فسلام لَّكَ } : أنت من أصحاب اليمين ، وقيل : المعنى : فسلام لك يا محمد ، أي : لا ترى فيهم إلاَّ السلامة من العذاب .

( ت ) : ومن حصلت له السلامةُ من العذاب فقد فاز دليله { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران : 185 ] قال ( ع ) : فهذه الكاف في { لَّكَ } إمَّا أنْ تكونَ للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الأظهر ، ثم لكل مُعْتَبِرٍ فيها من أُمَّتِهِ ، وإمَّا أَنْ تكونَ لمن يخاطب من أصحاب اليمين ، وغيرُ هذا مِمَّا قيل تَكَلُّفٌ ، ونقل الثعلبيُّ عن الزَّجَّاج : { فسلام لَّكَ } أي : إنَّك ترى فيهم ما تحب من السلامة ، وقد علمتَ ما أَعَدَّ اللَّه لهم من الجزاء بقوله : { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } .