قوله تعالى : { حتى إذا أخذنا مترفيهم } أي : أخذنا أغنياءهم ورؤساءهم ، { بالعذاب } قال ابن عباس : هو السيف يوم بدر . وقال الضحاك : يعني الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فابتلاهم الله عز وجل بالقحط حتى أكلوا الكلاب والجيف . { إذا هم يجأرون } يضجون ويجزعون ويستغيثون ، وأصل الجأر : رفع الصوت بالتضرع .
ثم بين - سبحانه - عندما ينزل بهم العذاب فقال : { حتى إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } .
وحتى هنا : ابتدائية ، أى : حرف تبتدئ بعده الجمل ، وجملة { إِذَآ أَخَذْنَا } شرطية . وجوابها { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } .
والجؤار : الصراخ مطلقاً ، أو باستغاثة . يقال : جأر الثور يجأر إذا صاح .
وجأر الداعى إلى الله ، إذا ضج ورفع صوته بالتضرع إلى الله عز وجل .
أى : حتى إذا عاقبنا هؤلاء المترفين الذين أبطرتهم النعمة . بالعذاب الذى يردعهم ويخزيهم ويذلهم ، إذا هم يجأرون إلينا بالصراخ وبالاستغاثة .
وعبر عن عقابهم ، بالأخذ ، للإشعار بسرعة هذا العقاب وشدته ، كما فى قوله - تعالى - { . . . أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } وخص المترفين بالذكر ، للإشارة إلى أن ما كانوا فيه من التنعم والتمتع والتطاول فى الدنيا ، لن ينفعهم شيئاً عند نزول هذا العذاب بهم .
وقوله : { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يعني : حتى إذا جاء مترفيهم - وهم السعداء المنعمون في الدنيا - عذابُ الله وبأسه ونقمته بهم { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } أي : يصرخون ويستغيثون ، كما قال تعالى : { وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا . إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا . وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا } [ المزمل : 11 - 13 ] ، وقال تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ ص : 3 ] .
{ حتى إذا أخذنا مترفيهم } متنعميهم . { بالعذاب } يعني القتل يوم بدر أو الجوع حين دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : " اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " . فقحطوا حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحرقة . { إذا هم يجأرون } فاجثوا الصراخ بالاستغاثة ، وهو جواب الشرط والجملة مبتدأ بعد حتى ويجوز أن يكون الجواب : { لا تجأروا اليوم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.