فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذۡنَا مُتۡرَفِيهِم بِٱلۡعَذَابِ إِذَا هُمۡ يَجۡـَٔرُونَ} (64)

ثم رجع سبحانه إلى وصف الكفار فقال : { حتى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب } حتى هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام هو الجملة الشرطية المذكورة ، وهذه الجملة مبينة لما قبلها ، والضمير في : { مترفيهم } راجع إلى من تقدّم ذكره من الكفار . والمراد بالمترفين : المتنعمين منهم ، وهم الذين أمدهم الله بما تقدم ذكره من المال والبنين ، أو المراد بهم الرؤساء منهم . والمراد بالعذاب هو : عذابهم بالسيف يوم بدر ، أو بالجوع بدعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم عليهم حيث قال : ( اللّهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) . وقيل : المراد بالعذاب : عذاب الآخرة ؛ ورجح هذا بأن ما يقع منهم من الجؤار إنما يكون عند عذاب الآخرة ، لأنه الاستغاثة بالله ولم يقع منهم ذلك يوم بدر ولا في سني الجوع ، ويجاب عنه بأن الجؤار في اللغة : الصراخ والصياح . قال الجوهري : الجؤار مثل الخوار . يقال : جأر ، الثور يجأر أي صاح . وقد وقع منهم ومن أهلهم وأولادهم عندما أن عذبوا بالسيف يوم بدر ، وبالجوع في سني الجوع ، وليس الجؤار ها هنا مقيد بالجؤار الذي هو التضرّع بالدعاء حتى يتم ما ذكره ذلك القائل ، وجملة : { إذا هم يجأرون } جواب الشرط ، وإذا هي الفجائية ، والمعنى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب [ جأروا ] بالصراخ .

/خ67