الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذۡنَا مُتۡرَفِيهِم بِٱلۡعَذَابِ إِذَا هُمۡ يَجۡـَٔرُونَ} (64)

قوله : { حَتَّى إِذَآ } : " حتى " هذه : إمَّا حرفُ ابتداءٍ والجملةُ الشرطيةُ بعدَها غايةٌ لِما قبلها ، و " إذا " الثانيةُ فجائيةُ هي جوابُ الشرطيةِ ، وإمَّا حرفُ جَرٍّ عندَ بعضِهم . وقد تقدَّم تحقيقُه غيرَ مرةٍ . وقال الحوفيُّ : " حتى غايةُ ، وهي عاطفةٌ ، " إذا " ظرفٌ مضافٌ لِما بعده ، فيه معنى الشرطِ ، " إذا " الثانية في موضعِ جواب الأولى ، ومعنى الكلامِ عاملٌ في " إذا " والمعنى جَاَْرُوا . والعاملُ في الثانيةِ " أَخَذْنا " . وهو كلامٌ لا يَظْهر .

وقال ابن عطية : و " حتى " حرفُ ابتداءٍ لا غيرُ . و " إذا " والثانيةٌ التي هو جوابٌ تمنعان مِنْ أَنْ تكونَ " حتى " غايةً ل " عامِلُون " . قلت : يعني أن الجملةَ الشرطيةَ وجوابَها لا يَظْهر أَنْ تكونَ غايةً ل " عامِلون " . وظاهرُ كلامِ مكي أنها غايةٌ ل " عامِلون " فإنَّه قال : " أي لكفارِ قريش أعمالُ من الشرِّ دونَ أعمالِ أهلِ البرِ لها عاملون ، إلى أن يأخذَ اللهُ أهلَ النِّعْمةِ والبَطَرِ منهم إذا هم يَضِجُّون " . انتهى .

والجُؤَار : الصُّراخُ مطلقاً . وأنشد الجوهري :

يُراوِحُ مِنْ صَلَواتِ المَلِيْ *** كِ طَوْراً سُجوداً وطَوْراً جُؤارا

وقد تقدَّم هذه مستوفىً في النحل .