معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

قوله تعالى : { وقل رب أعوذ بك } أي : أمتنع وأعتصم بك ، { من همزات الشياطين } قال ابن عباس : نزغاتهم . وقال الحسن : وساوسهم . وقال مجاهد : نفخهم ونفثهم . وقال أهل المعاني : دفعهم بالإغواء إلى المعاصي ، وأصل الهمز شدة الدفع .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

ثم أمره - تعالى - بأن يستعيذ به من وساوس الشياطين ونزغاتهم فقال : { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } .

وقوله : { هَمَزَاتِ } جمع همزة وهى المرة من الهمز . وهى فى اللغة النخس والدفع باليد أو بغيرها . يقال : همزه يهمزه - بضم الميم وكسرها - إذا نخسه ودفعه وغمزه .

ومنه المهماز ، وهو حديدة تكون مع الراكب للدابة يحثها بها على السير .

والمراد بهمزات الشياطين هنا : وساوسهم لبنى آدم وحضهم إياهم على ارتكاب ما نهاهم الله - تعالى - عنه .

أى : وقل - أيها الرسول الكريم - يا رب أعوذ بك ، واعتصم بحماك ، من وساوس الشياطين ، ومن نزغاتهم الأثيمة ، ومن همزاتهم السيئة ، وأعوذ بك يا إلهى وأتحصن بك ، من أن يحضرنى أحد منهم فى أى أمر من أمور دينيى أو من دنياى ، فأنت وحدك القادر على حمايتى منهم .

وفى هذه الدعوات من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم من همزات الشياطين - تعليم للمؤمنين ، وإرشاد لهم ، إلى اللجوء - دائما - إلى خالقهم ، لكى يدفع عنهم وساوس الشياطين ونزغاتهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

وقوله : { وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ } : أمره أن يستعيذ من الشياطين ، لأنهم لا تنفع{[20657]} معهم الحيل ، ولا ينقادون بالمعروف .

وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من هَمْزه ونَفْخه ونَفْثه " {[20658]} .


[20657]:- في ف ، أ : "لا ينفع".
[20658]:- انظر الاستعاذة عند تفسير سورة الفاتحة.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

وقوله : وَقُلْ رَبّ أعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشّياطِينِ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد ربّ أستجير بك من خَنْق الشياطين وهمزاتها ، والهَمْز : هو الغَمْز ، ومن ذلك قيل للهمز في الكلام : هَمْزة ، والهَمَزَات جمع همزة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقُلْ رَبّ أعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشّياطِينِ قال : همزات الشياطين : خَنْقهم الناس ، فذلك هَمَزاتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

وأمره بالتعوذ من الشيطان في «همزاته » وهي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان فيها نفسه ، وكأنها هي التي كانت تصيب المؤمنين مع الكفار فتقع المحادة{[8541]} ، فلذلك اتصلت بهذه الآية ، وقال ابن زيد : «همز الشيطان » الجنون .

قال الفقيه الإمام القاضي : وفي مصنف أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان ، همزه ونفخه ونفثه »{[8542]} قال أبو داود همزه الُموتة وهي الجنون{[8543]} ونفخه الكبر ونفثه السحر .

قال الفقيه الإمام القاضي : والنزعات وسورات الغضب من الشيطان وهي المتعوذ منها في الآية ، والتعوذ من الجنون أيضاً وكيد ، وفي قراءة أبي بن كعب «ربي عائذاً بك من همزات الشيطان وعائذاً بك رب أن يحضرون » ،


[8541]:الحدة: الغضب والغلظة في القول، والعنف في المجادلة والحوار، والمحادة: المخالفة والمعاداة والمنازعة، وهي مفاعلة من الحد، كأن كل واحد منهما يجاوز حده إلى الآخر.
[8542]:والحديث أيضا في مسند الإمام أحمد، (3 ـ 50، 5 ـ 253)، ولفظه فيه عن أبي أمامة الباهلي: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاث مرات، ثم قال: لا إله إلا الله ثلاث مرات، وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه).
[8543]:ذكر في اللسان (همز) الحديث كما سبق ثم زاد عليه: "يا رسول الله، ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: أما همزه فالموتة، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالكبر"، وساق هذا على أنه جزء من الحديث، والتفسير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم حكى بعد ذلك عن أبي عبيدة أن الموتة هي الجنون. وفي كتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر) "الهمز: الموتة، الهمز: النخس والغمز، وكل شيء دفعته فقد همزته، والموتة: الجنون، والهمز أيضا: الغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم".