اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ} (97)

قوله تعالى : { وَقُلْ ربِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين } الآية لما أدَّب رسوله بقوله : { ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ المؤمنون : 96 ] أتبعه بما يقوي على ذلك وهو الاستعاذة بالله من أمرين :

أحدهما : من همزات الشياطين{[33306]} . والهَمَزَاتُ جمع همزَة ، وهي النخسة{[33307]} والدفع بيدٍ وغيرها{[33308]} ، وهي كالهزِّ{[33309]} والأزّ{[33310]} ، ومنه مِهْمَازُ الرائض{[33311]} ، والمِهْمَاز مفْعَالٌ من ذلك كالمِحْرَاث من الحَرْث والهَمَّازُ{[33312]} الذي يصيب الناس ، كأنه يدفع بلسانه وينخس به .

فصل

معنى «أعُوذُ بِكَ » أمتنع وأعتصم بك { مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين } نزعاتهم وقال الحسن : وساوسهم . وقال مجاهد : نفخهم ونفثهم . وقال أهل المعاني : دفعهم بالإغواء إلى المعاصي{[33313]} . قال الحسن : كان عليه السلام{[33314]} يقول بعد استفتاح الصلاة : «لا إله إلاّ الله ثلاثاً ، الله أكبر ثلاثاً ، اللهم إني أعوذ بك من هَمَزَاتِ الشياطين هَمْزِهِ ونَفْثِه ونَفْخِه » .

فقيل : يا رسول الله ما همزه ؟ قال : «الموتة التي تأخذ ابن آدم » أي{[33315]} : الجنون . قيل : فَمَا نَفْثه ؟ قال : «الشعْر » قيل : فما نفخُه ؟ قيل : «الكِبْر » {[33316]} .


[33306]:انظر الفخر الرازي 23/119.
[33307]:نخس الدابة وغيرها ينخسها وينخسها نخسا: غرز جنبها أو مؤخرها بعود أو نحوه. اللسان (نخس).
[33308]:اللسان (همز).
[33309]:الهز: تحريك الشيء كما تهز القناة فتضطرب وتهتز، وهزه يهزه هزا وهز به وهززه. اللسان (هزز).
[33310]:انظر اللسان (أزز).
[33311]:المهمز المهماز: حديدة تكون في مؤخر خف الرائض. اللسان (همز).
[33312]:الهماز والهمزة: الذي يخلف الناس من ورائهم ويأكل لحومهم. الليث: الهماز والهمزة: الذي يهمز أخاه من خلفه، واللمز في الاستقبال. اللسان (همز).
[33313]:انظر البغوي 6/38.
[33314]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[33315]:أي: سقط من ب.
[33316]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/50، 5/253 وذكر في اللسان (همز).