معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡحِجۡرِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (80)

قوله تعالى : { ولقد كذب أصحاب الحجر } ، وهي مدينة ثمود قوم صالح ، وهي بين المدينة والشام ، { المرسلين } ، أراد صالحا وحده . وإنما ذكر بلفظ الجمع لأن من كذب رسولا ، فقد كذب الرسل كلهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡحِجۡرِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (80)

ثم ختمت السورة الكريمة حديثها عن قصص الأنبياء مع أقوامهم بجانب من قصة صالح - عليه السلام - مع قومه . فقال - تعالى - { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين } . . .

وأصحاب الحجر : هم ثمود قوم صالح - عليه السلام - .

والحجر : واد بين الشام والمدينة المنورة ، كان قوم صالح يسكنونه . والحجر في الأصل : كل مكان أحاطت به الحجارة ، أو كل مكان محجور أى ممنوع من الناس بسبب اختصاص بعضهم به .

وما زال هذا المكان يعرف إلى الآن باسم مدائن صالح على الطريق من خيبر إلى تبوك ، كما أشرنا إلى ذلك عند التعريف بالسورة الكريمة .

وقال - سبحانه - : { وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين } مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولهم - عليه السلام - ، لأن تكذيب رسول واحد ، تكذيب لجميع الرسل ، حيث إن رسالتهم واحدة ، وهى الأمر بإخلاص العبادة لله - تعالى - وحده ، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ، والنهى عن الرذائل والمفاسد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡحِجۡرِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (80)

أما أصحاب الحجر فهم قوم صالح ، والحجر تقع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى ، وهي ظاهرة إلى اليوم . فقد نحتوها في الصخر في ذلك الزمان البعيد ، مما يدل على القوة والأيد والحضارة .

( ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ) . .

وهم لم يكذبوا سوى رسولهم صالح . ولكن صالحا ليس إلا ممثلا للرسل أجمعين ؛ فلما كذبه قومه قيل : إنهم كذبوا المرسلين . توحيدا للرسالة وللرسل وللمكذبين . في كل أعصار التاريخ ، وفي كل جوانب الأرض ، على اختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأقوام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَذَّبَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡحِجۡرِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (80)

جُمِعتْ قصص هؤلاء الأمم الثّلاث : قوممِ لوط ، وأصحاببِ الأيكة ، وأصحاب الحجر في نسق ، لتماثل حال العذاب الّذي سلط عليها وهو عذاب الصّيحة والرّجفة والصّاعقة .

وأصحاب الحِجر هم ثمود كانوا ينزلون الحِجر بكسر الحاء وسكون الجيم . والحجر : المكان المحجور ، أي الممنوع من النّاس بسبب اختصاص به ، أو اشتقّ من الحجارة لأنهم كانوا ينحتون بيوتهم في صخر الجبل نحتاً محكماً . وقد جعلت طبقات وفي وسطها بئر عظيمة وبئار كثيرة .

والحجر هو المعروف بوادي القرى وهو بين المدينة والشّام ، وهو المعروف اليوم باسم مدائن صالح على الطريق من خيبر إلى تبوك .

وأما حَجر اليمامة مدينةُ بني حنيفة فهي بفتح الحاء وهي في بلاد نَجد وتسمى العَروض وهي اليوم من بلاد البحرين .

وقد توهّم بعض المستشرقين من الإفرنج أن البيوت المنحوتة في ذلك الجبل كانت قبوراً ، وتعلقوا بحجج وهمية . ومما يفنّد أقوالهم خلوّ تلك الكهوف عن أجساد آدمية . وإذا كانت تلك قبوراً فأين كانت منازل الأحياء ؟ .

والظاهر أن ثمود لما أخذتهم الصّيحة كانوا منتشرين في خارج البيوت لقوله تعالى : { فأخذتهم الصيحة مصبحين } . وقد وُجدت في مداخل تلك البيوت نقر صغيرة تدلّ على أنّها مجعولة لوصد أبواب المداخل في اللّيل .

وتعريف { المرسلين } للجنس ، فيصدق بالواحد ، إذ المراد أنّهم كذبوا صالحاً عليه السلام فهو كقوله تعالى : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ سورة الشعراء : 105 ] . وقد تقدم . وكذلك جمع الآيات في قوله : آياتنا } مراد به الجنس ، وهي آية النّاقة ، أو أريد أنها آية تشتمل على آيات في كيفيّة خروجها من صخرة ، وحياتها ، ورعيها ، وشربها . وقد روي أنّها خرج معها فصيلها ، فهما آيتان .