معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

قوله تعالى : { ألا تتبعن } أي : أن تتبعني و " لا " صلة أي : تتبع أمري ووصيتي ، يعني : هلا قاتلتهم وقد علمت أني لو كنت فيهم لقاتلتهم على كفرهم . وقيل : أن لا تتبعني أي : ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم ، فتكون مفارقتك إياهم تقريعا وزجراً لهم عما أتوه ، { أفعصيت أمري } أي : خالفت أمري .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

أى : قال موسى لأخيه هارون على سبيل اللوم والمعاتبة : يا هارون أى شىء منعك من مقاومتهم وقت أن رأيتهم ضلوا بسبب عبادتهم للعجل و " لا " فى قوله : { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } مزيدة للتأكيد . والاستفهام فى قوله : { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } للإنكار .

أى : ما الذى منعك من أن تتبعنى فى الغضب عليهم لدين الله حين رأيتهم عاكفين على عبادة العجل ، أفعصيت أمرى فيما قدمت إليك من قولى : { اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ المفسدين } وفيما أمرتك به من الصلابة فى الدين ، لأن وجودك فيهم وقد عبدوا غير الله - تعالى - يعتبر تهاونا معهم فيما لا يصح التهاون فيه .

وكأن موسى - عليه السلام - كان يريد من أخيه هارون - عليه السلام - موقفا يتسم بالحزم الشدة مع هؤلاء الجاهلين ، حتى ولو أدى الأمر لمقاتلتهم . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

( أفعصيت أمري ? ) .

يؤنبه على تركهم يعبدون العجل ، دون أن يبطل عبادته ، اتباعا لأمر موسى - عليه السلام - بألا يحدث أمرا بعده ، ولا يسمح بإحداث أمر . ويستنكر عليه عدم تنفيذه ، فهل كان ذلك عصيانا لأمره ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

يقول مخبرًا عن موسى ، عليه السلام ، حين رجع إلى قومه ، فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم ، فامتلأ عند ذلك غيظًا ، {[19478]} وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وقد قدمنا في " الأعراف " بسط ذلك ، وذكرنا هناك حديث " ليس الخبر كالمعاينة " .

وشرع يلوم أخاه{[19479]} هارون فقال : { مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلا تَتَّبِعَنِ } أي : فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } أي : فيما كنت تقدمت إليك ، وهو قوله : { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } [ الأعراف : 142 ] .


[19478]:في ف: "غضبا".
[19479]:في ف: "أخوه".

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

وقرأ الجمهور «تتبعن » بحذف الياء ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وبإثباتها في الوصل ويقف ابن كثير بالياء وأبو عمرو بغير الياء . ويحتمل قوله { ألا تتبعن } أي بني إسرائيل نحو جبل الطور فيجيء اعتذار هارون أي لو فعلت ذلك مشت معي طائفة وأقامت طائفة على عبادة العجل فيتفرق الجمع فخفت لومك على التفرق ، ويحتمل قوله { ألا تتبعن } أي لا تسير بسيري وعلى طريقتي في الإصلاح والتسديد ويجيء اعتذار هارون بمعنى أن الأمر كان متفاقماً فلو تقويت عليه وقع القتال واختلاف الكلمة فكان تفريقاً بين بني إسرائيل وإنما لاينت جهدي .

وقوله تعالى : { ألا تتبعن } بمعنى ما منعك أن تتبعني ، واختلف الناس في وجه دخول «لا » فقالت فرقة هي زائدة ، وذهب حذاق النحاة إلى أنها مؤكدة وأن في الكلام فعلاً مقدراً كأنه قال ما منعك ذلك أو حضك أو نحو هذا على «أن لا تتبعن » وما قبل وما بعد يدل على هذا ويقتضيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

( أنْ ) مصدرية ، و ( لا ) حرف نفي . وهي مؤذنة بفعل محذوف يناسب معنى النفي . والمصدر الذي تقتضيه ( أن ) هو مفعول الفعل المحذوف . وأما مفعول { مَنَعَكَ } فمحذوف يدلّ عليه { مَنَعَكَ } ويدل عليه المذكور .

والتقدير : ما منَعك أن تتبعني واضطرّك إلى أنْ لا تتبعني ، فيكون في الكلام شِبه احتباك . والمقصود تأكيدُ وتشديدُ التوبيخ بإنكار أن يكون لهارونَ مانع حينئذ من اللحاق بموسى ومقتض لعدم اللحاق بموسى ، كما يقال : وُجد السبب وانتفَى المانع .

ونظيره قوله تعالى : { ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك } في سورة الأعراف ( 12 ) فارجعْ إليه .

والاستفهام في قوله { أفَعَصَيْتَ أمري } مفرع على الإنكار ، فهو إنكار ثان على مخالفة أمره ، مشوب بتقرير للتهديد .