المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أَلَّا تَتَّبِعَنِۖ أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي} (93)

وقرأ الجمهور «تتبعن » بحذف الياء ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وبإثباتها في الوصل ويقف ابن كثير بالياء وأبو عمرو بغير الياء . ويحتمل قوله { ألا تتبعن } أي بني إسرائيل نحو جبل الطور فيجيء اعتذار هارون أي لو فعلت ذلك مشت معي طائفة وأقامت طائفة على عبادة العجل فيتفرق الجمع فخفت لومك على التفرق ، ويحتمل قوله { ألا تتبعن } أي لا تسير بسيري وعلى طريقتي في الإصلاح والتسديد ويجيء اعتذار هارون بمعنى أن الأمر كان متفاقماً فلو تقويت عليه وقع القتال واختلاف الكلمة فكان تفريقاً بين بني إسرائيل وإنما لاينت جهدي .

وقوله تعالى : { ألا تتبعن } بمعنى ما منعك أن تتبعني ، واختلف الناس في وجه دخول «لا » فقالت فرقة هي زائدة ، وذهب حذاق النحاة إلى أنها مؤكدة وأن في الكلام فعلاً مقدراً كأنه قال ما منعك ذلك أو حضك أو نحو هذا على «أن لا تتبعن » وما قبل وما بعد يدل على هذا ويقتضيه .