{ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } أي تتبعني على أن { لا } سيف خطيب كما في قوله تعالى : { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [ الأعراف : 12 ] وهو مفعول ثاني لمنع وإذ متعلق بمنع ، وقيل : بتتبعني ، ورد بأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها ، وأجيب بأن الظرف يتوسع فيه ما لم يتوسع في غيره وبأن الفعل السابق لما طلبه على أنه مفعول ثان له كان مقدماً حكماً وهو كما ترى أي أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم من أن تتبعني وتسير بسيري في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به وروي ذلك عن مقاتل ، وقيل : في الإصلاح والتسديد ولا يساعده ظاهر الاعتذار ، واستظهر أبو حيان أن يكون المعنى ما منعك من أن تلحقني إلى جبل الطور بمن آمن من بني إسرائيل ، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكان موسى عليه السلام رأى أن مفارقة هارون لهم وخروجه من بينهم بعد تلك النصائح القولية ازجر لهم من الاقتصار على النصائح لما أن ذلك أدل على الغضب وأشد في الإنكار لاسيما وقد كان عليه السلام رئيساً عليهم محبوباً لديهم وموسى يعلم ذلك ومفارقة الرئيس المحبوب كراهة لأمر تشق جداً على النفوس وتستدعي ترك ذلك الأمر المكروه له الذي يوجب مفارقته وهذا ظاهر لا غبار عليه عند من أنصف .
فالقول بأن نصائح هارون عليه السلام حيث لم تزجرهم عما كانوا عليه فلأن لا تزجرهم مفارقته إياهم عنه أولى على ما فيه لا يرد على ما ذكرنا ؛ ولا حاجة إلى الاعتذار بأنهم إذا علموا أنه يحلقه ويخبره عليهما السلام بالقصة يخافون رجوع موسى عليه السلام فينزجرون عن ذلك ليقال : إنه بمعزل عن القبول كيف لا وهم قد صرحوا بأنهم عاكفون عليه إلى حين رجوعه عليه السلام ، وقال علي بن عيسى : إن { لا } ليست مزيدة ، والمعنى ما حملك على عدم الاتباع فإن المنع عن الشيء مستلزم للحمل على مقابله { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } بسياستهم حسب ما ينبغي فإن قوله عليه السلام : { اخلفني فِي قَوْمِي } [ الأعراف : 142 ] بدون ضم قوله : { وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ المفسدين } [ الأعراف : 142 ] متضمن للأمر بذلك حتماً فإن الخلافة لا تتحقق إلا بمباشرة الخليفة ما كان يا بشره المستخلف لو كان حاضراً وموسى عليه السلام لو كان حاضراً لساسهم على أبلغ وجه ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي ألم تتبعني أو أخالفتني فعصيت أمري .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.