{ وَإِذَا النجوم انكدرت } أى : تناثرت وتساقطت وانقلبت هيئتها من اللمعان والظهور ، إلى الميل نحو الظلام والسواد .
أى : وإذا النجوم تساقطت وانقضت . يقال : انكدر البازى ، إذا نزل على فريسته بسرعة ، وانكدر الأعداء على القوم إذا جاءوا أرسالا متتابعين فانصبوا عليهم .
ويصح أن يكون المعنى : وإذا النجوم تغيرت وانطمس نورها ، وزال لمعانها ، من قولهم : كدرت الماء فانكدر ، إذا خلط به ما يجعله مائلا إلى السواد والغُبْرة .
وانكدار النجوم قد يكون معناه انتثارها من هذا النظام الذي يربطها ، وانطفاء شعلتها وإظلام ضوئها . . والله أعلم ما هي النجوم التي يصيبها هذا الحادث . وهل هي طائفة من النجوم القريبة منا . . مجموعتنا الشمسية مثلا . أو مجرتنا هذه التي تبلغ مئات الملايين من النجوم . . أم هي النجوم جميعها والتي لا يعلم عددها ومواضعها إلا الله . فوراء ما نرى منها بمراصدنا مجرات وفضاءات لها لا نعرف لها عددا ولا نهاية . فهناك نجوم سيصيبها الانكدار كما يقرر هذا الخبر الصادق الذي لا يعلم حقيقته إلا الله . .
وقوله : { وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } أي : انتثرت ، كما قال تعالى : { وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ } [ الانفطار : 2 ] ، وأصل الانكدار : الانصباب .
قال الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال : ست آيات قبل يوم القيامة ، بينا الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم ، فبينما هم كذلك إذ
وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت ، ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن ، واختلطت الدواب والطير والوحوش ، فماجوا بعضهم في بعض : { وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال : اختلطت ، { وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ } قال : أهملها أهلها ، { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ } قال : قالت الجن : نحن نأتيكم بالخبر . قال : فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج ، قال : فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى وإلى السماء السابعة العليا ، قال فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم .
رواه ابن جرير{[29740]} - وهذا لفظه - وابن أبي حاتم ، ببعضه ، وهكذا قال مجاهد والربيع بن خُثَيم{[29741]} ، والحسن البصري ، وأبو صالح ، وحماد بن أبي سليمان ، والضحاك في قوله : { وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } ي : تناثرت .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } أي : تغيرت . وقال يزيد بن أبي مريم عن النبي صلى الله عليه وسلم : { وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } قال : " انكدرت في جهنم ، وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم ، إلا ما كان من عيسى وأمه ، ولو رضيا أن يُعبَدا لدخلاها " . رواه ابن أبي حاتم بالإسناد المتقدم .
و «انكدار النجوم » : هو انقضاضها وهبوطها من مواضعها ، ومنه قول الراجز [ العجاج ] : [ الرجز ]
أبصر خربان فلاة فانكدرْ . . . تقضّي البازي إذا البازي كسرْ{[11642]}
وقال ابن عباس : { انكدرت } : تغيرت ، من قولهم : ماء كدر ، أي متغير اللون .
والانكدار : مطاوع كَدَّره المضاعف على غير قياس ، أي حصل للنجوم انكدار من تكدير الشمس لها حين زال عنها انعكاس نورها ، فلذلك ذكر مطاوع كدر دون ذكر فاعل التكدير .
والكُدرة : ضد الصفاء كتغير لون الماء ونحوه .
وفسر الانكدار بالتساقط والانقضاض ، وأنشدوا قول العجاج يصف بازياً :
أبصَر خِرْبَانَ فَضَاءً فانكدر
ومعنى تساقطها تساقط بعضها على بعض واصطدامها بسبب اختلال نظام الجاذبية الذي جعله الله لإمساكها إلى أمد معلوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.