الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} (2)

" وإذا النجوم انكدرت " أي تهافتت وتناثرت . وقال أبو عبيدة : انصبت كما تنصب العقاب إذا انكسرت . قال العجاج يصف صقرا{[15815]} :

أبصر خِربان فضاءٍ فانكدرْ *** تقضِّيَ البازي إذا البازي كَسَرْ

وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يبقى في السماء يومئذ نجم إلا سقط في الأرض ، حتى يفزع أهل الأرض السابعة مما لقيت وأصاب العليا ) ، يعني الأرض . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : تساقطت ؛ وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور ، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور ، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السموات ، فتناثرت تلك الكواكب وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة ؛ لأنه مات من كان يمسكها . ويحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها . وسميت النجوم نجوما لظهورها في السماء بضوئها . وعن ابن عباس أيضا : انكدرت تغيرت فلم يبق لها ضوء لزوالها{[15816]} عن أماكنها . والمعنى متقارب .


[15815]:هكذا البيت في نسخ الأصل التي بأيدينا والذي في ديوان العجاج رواية الأصمعي نسخة الشنقيطي: قال يمدح عمرو بن عبيد الله بن معمر: قد جبر الدين الإله فجبر. إلى أن قال: داني جناحيه من الطور فمر *** تقضي البازي إذا البازي كسر أبصر خربان فضاء فـــانكدر *** شاكى الكلاليب إذا أهوى اطفر الطور: الجبل، وعنى هنا الشام، يقول: انقض ابن معمر انقضاضة من الشام، انقضاض البازي ضم جناحيه. وخربان: جمع خرب، وهو ذكر الحبارى، والكلاليب المخالب، واطفر: أصله اظتفر، فأبدلت التاء طاء، فأدغمت في الظاء.
[15816]:في أ، ح، و: لزلزالها.