معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

وقوله - سبحانه - : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الذي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } زيادة فى تسلية وتثبيته - صلى الله عليه وسلم - .

أى : أن أمرك - أيها الرسول الكريم - مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين : إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم . . . وفى هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم ، حسب إرادتنا ومشيئتنا ، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذى توعدناهم به ، فإنا عليهم وعلى غيرهم متقدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإِفلات من قبضتنا وقدرتنا .

قال ابن كثير : أى : نحن قادرون على هذا وعلى هذا . ولم يقبض الله - تعالى - رسوله ، حتى أقر عينه من أعدائه ، وحكمه فى نواصيهم ، وملكه ما تضمنته صياصيهم .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

26

( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون . أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ) . .

والأمر لا يخرج عن هذين الحالين . فإذا ذهب الله بنبيه فسيتولى هو الانتقام من مكذبيه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

وقوله : فإمّا نَذْهَبّنَ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الوعيد ، فقال بعضهم : عُنِي به أهل الإسلام من أمة نبينا عليه الصلاة والسلام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : ثني أبي ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن ، في قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قال : لقد كانت بعد نبيّ الله نقمة شديدة ، فأكرم الله جلّ ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فذهب الله بنبيه صلى الله عليه وسلم ، ولم ير في أمته إلا الذي تقرّ به عينه ، وأبقى الله النقمة بعده ، وليس من نبيّ إلا وقد رأى في أمته العقوبة ، أو قال ما لا يشتهي . ذُكر لنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُري الذي لقيت أمته بعده ، فما زال منقبضا ما انبسط ضاحكا حتى لقي الله تبارك وتعالى .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فقال : ذهب النبيّ صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة ، ولم يُرِ الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى ، ولم يكن نبيّ قطّ إلا رأى العقوبة في أمته ، إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم . قال : وذُكر لنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُري ما يصيب أمته بعده ، فما رُئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله .

وقال آخرون : بل عنى به أهل الشرك من قريش ، وقالوا : قد رأى الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ كما انتقمنا من الأمم الماضية أوْ نُرِيَنّكَ الّذِي وَعْدْناهُمْ فقد أراه الله ذلك وأظهره عليه وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين فلأن يكون ذلك تهديدا لهم أولى من أن يكون وعيدا لمن لم يجر له ذكر . فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك : فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين ، فنخرجَك من بينهم فَإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ، كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذّبة رسلها ، أَوْ نُرِيَنّكَ الّذِي وَعَدْناهُمْ يا محمد من الظفر بهم ، وإعلائك عليهم فَإنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ أن نظهرك عليهم ، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

تفريع على جملة { أفأنت تسمع الصم } [ الزخرف : 40 ] إلى آخرها المتضمنة إيماء إلى التأييس من اهتدائهم ، والصريحة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم من شدة الحرص في دعوتهم ، فجاء هنا تحقيق وَعد بالانتقام منهم ، ومعناه : الوعد بإظهار الدِين إن كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، ووعيدهم بالعقاب في الدّنيا قبل عقاب الآخرة ، فلأجل الوفاء بهذين الغرضين ذُكر في هذه الجملة أمران : الانتقام منهم لا محالة ، وكونُ ذلك واقعاً في حياة الرّسول صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته . والمفرّع هو { فإنا منهم منتقمون } وما ذكر معه ، فمراد منه تحقق ذلك على كل تقدير .

و ( إما ) كلمتان متصلتان أصلهما ( إنْ ) الشرطية و ( مَا ) زائدة بعد ( إنْ ) ، وأدغمت نون ( إنْ ) في الميم من حرف ( مَا ) ، وزيادةُ ( ما ) للتأكيد ، ويكثر اتصال فعل الشرط بعد ( إن ) المزيدة بعدها ( ما ) بنون التوكيد زيادة في التأكيد ، ويكتبونها بهمزة وميم وألف تبعاً لحالة النطق بها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فإما نذهبن بك}: فنميتك يا محمد.

{فإنا منهم} يعني كفار مكة.

{منتقمون} بعدك...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فإمّا نَذْهَبّنَ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ" اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الوعيد؛ فقال بعضهم: عُنِي به أهل الإسلام من أمة نبينا عليه الصلاة والسلام... عن قتادة، قوله: "فإمّا نَذْهَبنّ بِكَ فإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ "فذهب الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، ولم ير في أمته إلا الذي تقرّ به عينه، وأبقى الله النقمة بعده، وليس من نبيّ إلا وقد رأى في أمته العقوبة، أو قال ما لا يشتهي...

وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك من قريش، وقالوا: قد أرى الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم...

وهذا القول الثاني أولى التأويلين في ذلك بالصواب، وذلك أن ذلك في سياق خبر الله عن المشركين، فلأن يكون ذلك تهديدا لهم أولى من أن يكون وعيدا لمن لم يجر له ذكر. فمعنى الكلام إذ كان ذلك كذلك: فإن نذهب بك يا محمد من بين أظهر هؤلاء المشركين، فنخرجَك من بينهم "فَإنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ"، كما فعلنا ذلك بغيرهم من الأمم المكذّبة رسلها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فيه دلالة منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال إنزال العذاب الموعود لهم عليهم، ثم المنع فيه من وجهين: أحدهما: النهي عن سؤال بيان الوقت أن يسأله متى يُنزله عليهم؟

والثاني: النهي عن استعجاله كقوله: {ولا تستعجل لهم} الأحقاف: 35] كأنه يقول ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى أن شئت أنزلت في حياتك وأريتُك ذلك، وإن شئت أمتُّك ولم أُرك شيئا، وهو كما قال: {ليس لك من الأمر شيء} الآية [آل عمران: 128].

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"فإما نذهبن بك فإنا منهم" معناه: إن نذهب بك... وإنما وجب بإذهاب النبي إهلاك قومه من الكفار، لأنه علامة اليأس من فلاح أحد منهم...

وكأنه قال: فإما نذهبن بك على سنتنا فيمن قبلك، فيكون إذهابه به إخراجه من بين الكفار...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

يعني: إن انقضى أَجَلُكَ ولم يتفق لكَ شهودُ ما نتوّعَدُهم به، فلا تتوَهَّمْ أَنَّ صِدْقَ كلامنا يشوبه مَيْنٌ، فإنّ ما أَخبرناك عنه -لا محالة- سيكون...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وصفهم بشدة الشكيمة في الكفر والضلال ثم أتبعه شدة الوعيد بعذاب الدنيا والآخرة...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذا الكلام يفيد كمال التسلية للرسول عليه السلام؛ لأنه تعالى بين أنهم لا تؤثر فيهم دعوته واليأس إحدى الراحتين، ثم بين أنه لا بد وأن ينتقم لأجله منهم إما حال حياته أو بعد وفاته، وذلك أيضا يوجب التسلية...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم، ولو ذهبت أنت.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فإما نذهبن بك} أي من بين أظهرهم بموت أو غيره.

{فإنا منهم} أي الذين تقدم التعريض بأنهم صم عمي ضلال لأنهم لن تنفعهم مشاعرهم.

{منتقمون} أي بعد فراقك لأن وجودك بين أظهرهم هو سبب تأخير العذاب عنهم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الوعد بإظهار الدِين إن كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته، ووعيدهم بالعقاب في الدّنيا قبل عقاب الآخرة؛ فلأجل الوفاء بهذين الغرضين ذُكر في هذه الجملة أمران: الانتقام منهم لا محالة، وكونُ ذلك واقعاً في حياة الرّسول صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

إشارة إلى أنّك حتى وإن لم تكن شاهداً وناظراً لأمرهم، فإنّا سنعاقبهم أشدّ عقاب إن استمروا في طريق ضلالتهم وغيهم، لأنّ «الانتقام» في الأصل يعني الجزاء والعقوبة، وإن كان المستفاد من آيات قرآنية عديدة أُخرى نزلت في هذا المعنى إن المراد من الذهاب بالنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاته، كما جاء في الآية (46) من سورة يونس: (وإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثمّ الله شهيد على ما يفعلون). وجاء هذا المعنى أيضاً في سورة الرعد الآية 40، وسورة غافر الآية 77، وعلى هذا فإنّ تفسير الآية بالهجرة لا يبدو مناسباً.