تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ} (41)

الآيتان 41 و42 وقوله تعالى : { فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون } { أو نرينّك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون } فيه دلالة منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال إنزال العذاب الموعود لهم عليهم . ثم المنع فيه من وجهين :

أحدهما : النهي عن سؤال بيان الوقت أن يسأله متى يُنزله عليهم ؟

والثاني : النهي عن استعجاله كقوله : { ولا تستعجل لهم } الأحقاف : 35 ] كأنه يقول : ليس ذلك [ إليك إنما ذلك }{[18956]} إلى أن شئت أنزلت في حياتك ، وأريتُك ذلك ، وإن شئت أمتُّك ، ولم أُرك شيئا ، وهو كما قال : { ليس لك من الأمر شيء } الآية [ آل عمران : 128 ] .

وقال قتادة في ذلك : إن الله تعالى أذهب نبيه صلى الله عليه وسلم وأبقى النقمة بعده ، ولم يُره في أمته إلا الذي يقرّ به عينه . وليس نبي أو رسول إلا وقد رأى في أمّته العقوبة غير نبيكم ، عافاه الله تعالى عن ذلك ، ولا أراه إلا ما يقرّ به عينه .

وقال : وذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أُري الذي تلقى أمّته من بعده ، فما زال منقبضا ، ما استشاط ضحِكا حتى لحق بالله تعالى .

وقال الحسن قريبا من قول قتادة في قوله تعالى : { فإما نذهبنّ بك فإنا منهم منتقمون } قال : أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يُريه في أمته ما يكره ، ورفع الله تعالى ، وبقيت النقمة .


[18956]:من م، ساقطة من الأصل.