معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

{ الذين هم على صلاتهم دائمون } يقيمونها في أوقاتها يعني الفرائض .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن لهيعة ، حدثني يزيد بن أبي حبيب : أن أبا الخير أخبره قال : سألنا عقبة ابن عامر عن قول الله تعالى : { الذين هم على صلاتهم دائمون } أهم الذين يصلون أبداً ؟ قال : لا ، ولكنهم إذا صلوا لم يلتفتوا عن يمينهم ولا عن شمائلهم ولا من خلفهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

وقال - سبحانه - : { على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } للإِشارة إلى أنهم لا يشغلهم عنها شاغل ، إذ الدوام على الشئ عدم تركه .

وفى إضافة " الصلاة " إلى ضمير " المصلين " تنويه بشأنهم ، وإشعار باختصاصها بهم ، إذ هم أصحابها الملازمون لها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

وصفة المؤمنين المستثنين من الهلع ، تلك السمة العامة للإنسان ، يفصلها السياق هنا ويحددها :

( إلا المصلين . الذين هم على صلاتهم دائمون ) . .

والصلاة فوق أنها ركن الإسلام وعلامة الإيمان ، هي وسيلة الاتصال بالله والاستمداد من ذلك الرصيد . ومظهر العبودية الخالصة التي يتجرد فيها مقام الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة . وصفة الدوام التي يخصصها بها هنا : ( الذين هم على صلاتهم دائمون ) . . تعطي صورة الاستقرار والاستطراد ، فهي صلاة لا يقطعها الترك والإهمال والكسل وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة . . وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذا عمل شيئا من العبادة أثبته - أي داوم عليه - وكان يقول : " وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام وإن قل " . . لملاحظة صفة الاطمئنان والاستقرار والثبات على الاتصال بالله ، كما ينبغي من الاحترام لهذا الاتصال . فليس هو لعبة توصل أو تقطع ، حسب المزاج !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

وقوله : إلاّ المُصَلّينَ الّذِينَ هُمْ على صَلاتِهِمْ دائمُونَ يقول : إلا الذين يطيعون الله بأداء ما افترض عليهم من الصلاة ، وهم على أداء ذلك مقيمون لا يضيعون منها شيئا ، فإن أولئك غير داخلين في عداد من خلق هلوعا ، وهو مع ذلك بربه كافر لا يصلى لله .

وقيل : عُني بقوله : إلاّ المُصَلّينَ المؤمنون الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل عُنِي به كلّ من صلى الخمس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ومؤمل ، قالا : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم الّذِينَ هُمْ على صَلاتِهِمْ دائمُونَ قال : المكتوبة .

حدثني زريق بن السخب ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة ، عن منصور ، عن إبراهيم الّذِينَ هُمْ على صَلاتِهِمْ دائمُونَ قال : الصلوات الخمس .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله إنّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعا . . . إلى قوله : دَائمُونَ ذُكر لنا أن دانيال نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال : يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا ، أو عاد ما أُرسلت عليهم الريح العقيم ، أو ثمود ما أخذتهم الصيحة ، فعليكم بالصلاة فإنها خُلُقٌ للمؤمنين حسن .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم عَلى صَلاتهِمْ دائمُونَ قال : الصلاة المكتوبة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : الّذِينَ هُمْ على صَلاتِهِمْ دائمُونَ قال : هؤلاء المؤمنون الذين مع النبيّ صلى الله عليه وسلم على صلاتهم دائمون .

قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا حَيْوة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير أنه سأل عقبة بن عامر الجُهَنيّ ، عن : الّذِينَ هُمْ على صَلاتِهِمْ دائمُونَ قال : هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا خَلْفَهم ، ولا عن أيمانهم ، ولا عنى شمائلهم .

حدثني العباس بن الوليد ، قال : أخبرنا أبي ، قال : حدثنا الأوزاعي ، قال : ثني يحيى بن أبي كثير ، قال : ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ ، فإنّ اللّهَ لا يَمَلّ حتى تَمَلّوا » قالت : وكان أحبّ الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دُووم عليه قال : يقول أبو سلمة : إن الله يقول : الّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دَائمُونَ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

وقرأ الجمهور : «على صلاتهم » بالإفراد ، وقرأ الحسن : «صلواتهم » بالجمع . وقوله تعالى : { دائمون } قال الجمهور المعنى : مواظبون قائمون لا يملون في وقت من الأوقات فيتركونها وهذا في المكتوب ، وأما النافلة فالدوام عليها الإكثار منها بحسب الطاقة ، وقد قال عليه السلام : «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه »{[11326]} . وقال ابن مسعود : الدوام صلاتها لوقتها ، وتركها كفر ، وقال عقبة بن عامر : { دائمون } يقرؤون في صلاتهم ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً . ومنه الماء الدائم{[11327]} .


[11326]:أخرجه البخاري في الإيمان، ومسلم في المسافرين، وأبو داود في التطوع، والنسائي في قيام الليل، وابن ماجه في الزهد، وأحمد في أكثر من موضع في مسنده، وهو عن عائشة رضي الله عنها، وقد اختلفت ألفاظه باختلاف الروايات، وفي البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة، فقال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما دوام عليه صاحبه. (كتاب الإيمان).
[11327]:أي: الماء الساكن، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه).