السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ} (23)

{ الذين هم } أي : بكلية ضمائرهم وظواهرهم { على صلاتهم } أي : التي هي معظم دينهم وهي النافعة لهم لا لغيرهم بما أفادته الإضافة ، والمراد الجنس الشامل لجميع الأنواع إلا أن معظم المقصود الفرض ، ولذلك عبر بالاسم الدال على الثبات في قوله تعالى : { دائمون } أي : لا فتور لهم عنها ولا انفكاك لهم منها ، وقال عقبة بن عامر : هم الذين إذا صلوا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً ، والدائم : الساكن ، ومنه نهي عن البول في الماء الدائم ، أي : الساكن . وقال ابن جريج والحسن : هم الذين يكثرون فعل التطوع منها .

فإن قيل : كيف قال تعالى : { على صلاتهم دائمون } وقال تعالى في موضع آخر : { على صلواتهم يحافظون } [ الأنعام : 92 ] ؟ أجيب : بأن دوامهم عليها أن لا يتركوها في وقت ، ومحافظتهم عليها ترجع إلى الاهتمام بحالها حتى تأتي على أكمل الوجوه من المحافظة على شرائطها ، والإتيان بها في الجماعة وفي المساجد الشريفة ، وفي تفريغ القلب عن الوسواس والرياء والسمعة ، وأن لا يلتفت يميناً ولا شمالاً ، وأن يكون حاضر القلب فاهماً للأذكار ، مطلعاً على حكم الصلاة متعلق القلب بدخول أوقات الصلاة .