معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

قوله تعالى : { وهو } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأكثر كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا أن يظهروا كناية المعطوف عليه ، فيقولون : استوى هو وفلان وقلما يقولون : استوى وفلان ، ونظير هذا قوله : { أئذا كنا ترابا وآباؤنا }{ ( النمل-67 ) عطف الآباء على المكنى في كنا من غير إظهار نحن ، ومعنى الآية : استوى جبريل ومحمد عليهما السلام ليلة المعراج بالأفق الأعلى ، وهو أقصى الدنيا مطلع الشمس ، وقيل : فاستوى يعني جبريل ، وهو كناية عن جبريل أيضاً أي : قام في صورته التي خلقه الله فيها ، وهو بالأفق الأعلى ، وذلك أن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على صورته التي جبل عليها فأراه نفسه مرة في الأرض ومرة في السماء ، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى ، والمراد بالأعلى جانب المشرق ، وذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأفق إلى المغرب ، فخر النبي صلى الله عليه وسلم مغشياً عليه ، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه ، وجعل يمسح الغبار عن وجهه ، وهو قوله :{ ثم دنا فتدلى } وأما في السماء فعند سدرة المنتهى ، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

{ وَهُوَ بالأفق الأعلى } أى : وهو - أى جبريل - بالجهة العليا من السماء المقابلة للناظر إليها

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

( علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى . وهو بالأفق الأعلى . ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى . ما كذب الفؤاد ما رأى . أفتمارونه على ما يرى ? ) . .

والشديد القوي ذو المرة [ أي القوة ] ، هو جبريل - عليه السلام - وهو الذي علم صاحبكم ما بلغه إليكم .

وهذا هو الطريق ، وهذه هي الرحلة ، مشهودة بدقائقها : استوى وهو بالأفق الأعلى . حيث رآه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وكان ذلك في مبدأ الوحي . حين رآه على صورته التي خلقه الله عليها ، يسد الأفق بخلقه الهائل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَهُوَ بالأُفُقِ الأَعْلَى والأفق : الذي يأتي منه النهار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : وَهُوَ بالأُفقِ الأعْلَى قال : بأفق المشرق الأعلى بينهما .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع وَهُوَ بالأُفُقِ الأعْلَى يعني جبريل .

قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع وَهُوَ بالأُفُقِ الأَعْلَى قال : السماء الأعلى ، يعني جبريل عليه السلام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

{ وهو بالأفق الأعلى } في أفق السماء والضمير لجبريل عليه السلام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

وقوله : { وهو } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، وقد تقدم ذكره في الضمير في { علمه } . وفي هذا التأويل العطف على المضمر المرفوع دون أن يؤكد ، وذلك عند النحاة مستقبح ، وأنشد الفراء على قوله : [ الطويل ]

ألم تر أن النبع يصلب عوده [ ولا يستوي والخروع المتقصف{[10687]}

وقد ينعكس هذا الترتيب فيكون «استوى » لمحمد وهو لجبريل عليه السلام ، وأما { الأعلى } فهو عندي لقمة الرأس وما جرى معه .

وقال الحسن وقتادة : هو أفق مشرق الشمس وهذا التخصيص لا دليل عليه .


[10687]:هذا البيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن)، والرواية فيه(يُخلق) بدلا من (يصلب)، والنبع: شجر صلب متين ينبت في أعالي الجبال، ومن خشبه تُتخذ القِسي والسِّهام، والخِروع: شجر لين يتقصف بسهولة، ومن بذوره الملساء الكبيرة الحجم يُستخرج زيت الخروع، وهو بكسر الخاء، أم الخروع بفتح الخاء فهو المرأة الفاجرة أو الناعمة التي تتثنى لينا، وفرق كبير بين النبع والخِروع فلا يستوي الخروع بالنبع في الصلابة والمتانة، وهذا هو معنى البيت، أما الشاهد فيه فقد وضحه الفراء بقوله:"استوى هو وجبريل بالأفق الأعلى لما أسري به، وهو مطلع الشمس الأعلى، فأضمر الاسم في (استوى)، ورد عليه (هو)، وأكثر كلام العرب أن يقولوا: استوى هو وأبوه، ولا يكادون يقولون: استوى وأبوه، وهو جائز لأن في الفعل مُضمرا، أنشدني بعضهم: ألم تر ان النبع***البيت"، ومعنى ذلك أنه تم عطف(هو) الضمير البارز على الضمير المستتر في (استوى)، وفي البيت هنا عطف (الخروع) على الضمير المستتر في (يستوي)، ومثله في ذلك قوله تعالى:{أئذا كنا ترابا وآباؤنا} فقد عطف (الآباء) على الضمير في (كنا)، وحسن ذلك الفصل بينهما بقوله:(ترابا). هذا هو الرأي الذي قاله الطبري واستشهد بكلام الفراء، وقد علق عليه الإمام ابن كثير في تفسيره فقال:"وهذا الذي قاله من جهة العربية متجه،ولكن لا يساعده المعنى على ذلك؛ فإن هذه الرؤيا لجبريل لم تكن ليلة الإسراء بل قبلها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض، فهبط عليه جبريل عليه السلام وتدلى إليه، فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح، ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، يعني ليلة الإسراء".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

والأفق : اسم للجو الذي يبدو للناظر ملتقى بين طَرَف منتهى النظر من الأرض وبين منتهى ما يلوح كالقبة الزرقاء ، وغلب إطلاقه على ناحية بعيدة عن موطن القوم ومنه أفق المشرق وأفق المغرب .

ووصفه ب { الأعلى } في هذه الآية يفيد أنه ناحية من جو السماء . وذكر هذا ليرتب عليه قوله : { ثم دنا فتدلى } .

و { ثم } عاطفة على جملة { فاستوى } ، والتراخي الذي تقيده { ثم } تراخخٍ رتبيّ لأن الدنوّ إلى حيث يبلِّغ الوحيَ هو الأَهم في هذا المقام .