البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ} (7)

{ وهو بالأفق الأعلى } لله تعالى ، على معنى العظمة والقدرة والسلطان .

وعلى قول الجمهور : { فاستوى } : أي جبريل في الجو ، { وهو بالأفق الأعلى } ، إن رآه الرسول عليه الصلاة والسلام بحراء قد سد الأفق له ستمائة جناح ، وحينئذ دنا من محمد حتى كان قاب قوسين ، وكذلك هو المرئي في النزلة الأخرى بستمائة جناح عند السدرة ، قاله الربيع والزجاج .

وقال الطبري : والفراء : المعنى فاستوى جبريل ؛ وقوله : { وهو } ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا التأويل العطف على الضمير المرفوع من غير فصل ، وهو مذهب الكوفيين .

وقد يقال : الضمير في استوى للرسول ، وهو لجبريل ، والأعلى لعمه الرأس وما جرى معه .

وقال الحسن وقتادة : هو أفق مشرق الشمس .

وقال الزمخشري : { فاستوى } : فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي ، وكان ينزل في صورة دحية ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها ، فاستوى له بالأفق الأعلى ، وهو أفق الشمس ، فملأ الأفق .

وقيل : ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد صلى الله عليه وسلم ، مرة في الأرض ، ومرة في السماء .