معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

وكعادة القرآن الكريم فى قرنه الترغيب والترهيب أو العكس ، أخذت السورة في بيان حسن عاقبة المؤمنين ، بعد بيان سوء عاقبة الكافرين ، وفي لفت أنظار الناس إلى نعم الله - تعالى - عليهم ، لكي يشكروه ويخلصوا له العبادة . . قال تعالى : { إِنَّ الذين يَخْشَوْنَ . . . } .

قوله : { يَخْشَوْنَ } من الخشية ، وهي أشد الخوف وأعظمه ، والغيب : مصدر غاب يغيب ، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب ، وهو ما لا تدركه الحواس ولا يعلم ببداهة العقل .

أي : إن الذين يخشون ربهم فيخافون عذابه ، ويعبدونه كأنهم يرونه ، مع أنهم لا يرونه بأعينهم . . هؤلاء الذين تلك صفاتهم ، لهم من خالقهم - عز وجل - مغفرة عظيمة ، وأجر بالغ الغاية فى الكبر والضخامة .

وقوله : { بالغيب } حال من الفاعل ، أي : غائبا عنهم ، أو من المفعول . أي : غائبين عنه . أي . يخشون عذابه دون أن يروه - سبحانه - .

ويجوز أن يكون المعنى : يخشون عذابه حال كونهم غائبين عن أعين الناس ، فهم يراقبونه - سبحانه - في السر ، كما يراقبونه فى العلانية ، كما قال الشاعر :

يتجنب الهفوات فى خلواته . . . عف السريرة ، غَيبُه كالمشهد

والحق أن هذه الصفة ، وهي خوف الله - تعالى - بالغيب ، على رأس الصفات التي تدل على قوة الإِيمان ، وعلى طهارة القلب ، وصفاء النفس . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

والمألوف في سياق القرآن أن يعرض صفحتين متقابلتين في مشاهد القيامة . فهو يعرض هنا صفحة المؤمنين في مقابل صفحة الكافرين ، تتمة لمدلول الآية الثانية في السورة : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) . . بذكر الجزاء بعد ذكر الإبتلاء :

( إن الذين يخشون ربهم بالغيب ، لهم مغفرة وأجر كبير ) . .

والغيب المشار إليه هنا يشمل خشيتهم لربهم الذي لم يروه ، كما يشمل خشيتهم لربهم وهم في خفية عن الأعين ، وكلاهما معنى كبير ، وشعور نظيف ، وإدراك بصير . يؤهل لهذا الجزاء العظيم الذي يذكره السياق في إجمال : وهو المغفرة والتكفير ، والأجر الكبير .

ووصل القلب بالله في السر والخفية ، وبالغيب الذي لا تطلع عليه العيون ، هو ميزان الحساسية في القلب البشري وضمانة الحياة للضمير . . قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا الحارث بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قالوا : يا رسول الله إنا نكون عندك على حال ، فإذا فارقناك كنا على غيره . قال : " كيف أنتم وربكم ? " قالوا : الله ربنا في السر والعلانية . قال : " ليس ذلكم النفاق " . .

فالصلة بالله هي الأصل . فمتى انعقدت في القلب فهو مؤمن صادق موصول .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُواْ بِهِ إِنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين يخافون ربهم بالغيب : يقول : وهم لم يرَوْه لَهَمْ مَغْفِرَةً يقول : لهم عفو من الله عن ذنوبهم وأجْرٌ كَبِيرٌ يقول : وثواب من الله لهم على خشيتهم إياه بالغيب جزيل .