معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

ثم قال :

قوله تعالى : { الحق من ربك } . أي هذا الحق خبر مبتدأ مضمر . وقيل رفع بإضمار فعل أي جاء الحق من ربك .

قوله تعالى : { فلا تكونن من الممترين } . الشاكين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

142

ثم ثبت الله تعالى نبيه صلى الله عليه ولام المؤمنين ، فأخبرهم بأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق الذي لا شك فيه .

أي : اعلم - يا محمد - أن ما أوحي إليك وأمرت به من التوجه إلى المسجد الحرام . هو الحق الذي جاءك من ربك ، وأن ما يقوله اليهود وغيرهم من المشركين هو الباطل الذي لا شك فيه ، فلا تكونن من الشاكين في كتمانهم الحق مع علمهم به ، أو في الحق الذي جاءك من ربك وهو ما أنت عليه في جميع أحوالك ومن بينها التوجه إلى المسجد الحرام .

والشك غير متوقع من الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك قال المفسرون إن النهي موجه إلى الأمة في شخص نبيها صلى الله عليه وسلم إذ كان فيها حديثو عهد بكفر بخشى عليهم أن يفتنوا بزخرف من القول يروج به أهل الكتاب شبهاً تعلق بأذهان من لم يرسخ الإِيمان في قلوبهم .

وقد وضح ابن جرير - رحمه الله - هذا المعنى بقوله :

فإن قال لنا قائل : " أو كان النبي صلى الله عليه وسلم شاكاص في أن الحق من ربه أو في أن القبلة التي وجهه الله إليها حق من الله - تعالى - حتى نهى عن شك في ذلك فقيل له : { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين } .

قيل : ذلك من الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهي للمخاطب به ، والمراد به غيره كما قال جل ثناؤه :

{ ياأيها النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين } ثم قال { واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فخرج الكلام مخرج الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم والنهي له . والمراد به أصحابه المؤمنون به .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

142

وهنا يوجه الخطاب إلى النبي [ ص ] بعد هذا البيان بشأن أهل الكتاب :

( الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) . .

ورسول الله [ ص ] ما امترى يوما ولا شك . وحينما قال له ربه في آية أخرى : فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك . . قال : " لا أشك ولا أسأل " . .

ولكن توجيه الخطاب هكذا إلى شخصه [ ص ] يحمل إيحاء قويا إلى من وراءه من المسلمين . سواء منهم من كان في ذلك الحين يتأثر بأباطيل اليهود وأحابيلهم ، ومن يأتي بعدهم ممن تؤثر فيهم أباطيل اليهود وغير اليهود في أمر دينهم .

وما أجدرنا نحن اليوم أن نستمع إلى هذا التحذير ؛ ونحن - في بلاهة منقطعة النظير - نروح نستفتي المستشرقين - من اليهود والنصارى والشيوعيين الكفار - في أمر ديننا ، ونتلقى عنهم تاريخنا ، ونأمنهم على القول في تراثنا ، ونسمع لما يدسونه من شكوك في دراساتهم لقرآننا وحديث نبينا ، وسيرة أوائلنا ؛ ونرسل إليهم بعثات من طلابنا يتلقون عنهم علوم الإسلام ، ويتخرجون في جامعاتهم ، ثم يعودون الينا مدخولي العقل والضمير .

إن هذا القرآن قرآننا . قرآن الأمة المسلمة . وهو كتابها الخالد الذي يخاطبها فيه ربها بما تعمله وما تحذره . وأهل الكتاب هم أهل الكتاب ، والكفار هم الكفار . والدين هو الدين !