إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (147)

{ الحق } بالرفع على أنه مبتدأ ، وقولُه تعالى : { مِن رَبّكَ } خبرُه واللامُ للعهد والإشارةِ إلى ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الحقِّ الذي يكتُمونه أو للجنس ، والمعنى : أن الحقَّ ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه لا غيرُه كالذي عليه أهلُ الكتاب أو على أنه خبر مبتدإٍ محذوفٍ أي هو الحقُّ ، وقولُه تعالى : { مِن رَبّكَ } إما حالٌ أو خبرٌ بعد خبر ، وقرئ بالنصب على أنه بدلٌ من الأول ، أو مفعولٌ ليعلمون . وفي التعرُّض لوصف الربوبيةِ مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام من إظهار اللطفِ به عليه السلام ما لا يخفى { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين } أي الشاكّين في كتمانهم الحقَّ عالمين به وقيل في أنه من ربك ، وليس المرادُ نهيَ الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشك لأنه غيرُ متوقعٍ منه عليه الصلاة والسلام وليس بقصد واختيار بل إما تحقيقُ الأمر وأنه بحيث لا يشك فيه ناظر ، أو أمرُ الأمةِ باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الأبلغ .