الامتراء : افتعال من المرية ، وهي الشك .
امترى في الشيء : شك فيه ، ومنه المراء .
ماريته أي جادلته وشاككته فيما يدعيه .
تقول : تمارينا وامترينا فيه ، كقولك : تحاورنا واحتورنا .
{ الحق من ربك } : قرأ الجمهور : برفع الحق على أنه مبتدأ ، والخبر هو من ربك ، فيكون المجرور في موضع رفع .
أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هو الحق من ربك ، والضمير عائد على الحق المكتوم ، أي ما كتموه هو الحق من ربك ، ويكون المجرور في موضع الحال ، أو خبراً بعد خبر .
وأبعد من ذهب إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره : الحق من ربك يعرفونه .
والألف واللام في الحق للعهد ، وهو الحق الذي عليه الرسول ، أو الحق الذي كتموه ، أو للجنس على معنى : أن الحق هو من الله ، لا من غيره ، أي ما ثبت أنه حق فهو من الله ، كالذي عليه الرسول ، وما لم تثبت حقيقته ، فليس من الله ، كالباطل الذي عليه أهل الكتاب .
وقرأ علي بن أبي طالب : الحق بالنصب ، وأعرب بأن يكون بدلاً من الحق المكتوم ، فيكون التقدير : يكتمون الحق من ربك ، قاله الزمخشري ؛ أو على أن يكون معمولاً ليعلمون ، قاله ابن عطية ، ويكون مما وقع فيه الظاهر موقع المضمر ، أي وهم يعلمونه كائناً من ربك ، وذلك سائغ حسن في أماكن التفخيم والتهويل ، كقوله :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء***
وجوّز ابن عطية أن يكون منصوباً بفعل محذوف تقديره : الزم الحق من ربك ، ويدل عليه الخطاب بعده : { فلا تكونن من الممترين } .
والمراد بهذا الخطاب في المعنى هو الأمّة .
ودل الممترين على وجودهم ، ونهى أن يكون منهم ، والنهي عن كونه منهم أبلغ من النهي عن نفس الفعل .
فقولك : لا تكن ظالماً ، أبلغ من قولك : لا تظلم ، لأن لا تظلم نهي عن الالتباس بالظلم .
وقولك : لا تكن ظالماً نهي عن الكون بهذه الصفة .
والنهي عن الكون على صفة ، أبلغ من النهي عن تلك الصفة ، إذ النهي عن الكون على صفة يدل بالوضع على عموم الأكوان المستقبلة على تلك الصفة ، ويلزم من ذلك عموم تلك الصفة .
والنهي عن الصفة يدل بالوضع على عموم تلك الصفة .
وفرق بين ما يدل على عموم ، ويستلزم عموماً ، وبين ما يدل على عموم فقط ، فلذلك كان أبلغ ، ولذلك كثر النهي عن الكون .
قال تعالى : { فلا تكوننّ من الجاهلين } { ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله } { فلا تكن في مرية منه } والكينونة في الحقيقة ليست متعلق النهي .
والمعنى : لا تظلم في كل أكوانك ، أي في كل فرد فرد من أكوانك ، فلا يمر بك وقت يوجد فيه منك ظلم ، فتصير كأن فيه نصاً على سائر الأكوان ، بخلاف لا تظلم ، فإنه يستلزم الأكوان .
وأكد النهي بنون التوكيد مبالغة في النهي ، وكانت المشدّدة لأنها أبلغ في التأكيد من المخففة .
والمعنى : فلا تكونن من الذين يشكون في الحق ، لأن ما جاء من الله تعالى لا يمكن أن يقع فيه شك ولا جدال ، إذ هو الحق المحض الذي لا يمكن أن يلحق فيه ريب ولا شك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.