معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالحض على الإنفاق فى سبيله فقال : { إِن تُقْرِضُواْ الله قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ } .

أى : إن تبذلوا أموالكم فى وجوه الخير التى يحبها الله - تعالى - ، بذلا مصحوبا بالإخلاص وطيب النفس ، يضاعف الله - تعالى - لكم ثواب هذا الإنفاق والإقراض بأن يجعل لكم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف .

{ وَيَغْفِرْ لَكُمْ } فضلا عن ذلك ذنوبكم ببركة هذا الإنفاق الخالص لوجهه الكريم .

{ والله شَكُورٌ } أى : كثير الشكر لمن أطاعه { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة المذنبين

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِن تُقْرِضُواْ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : وإن تنفقوا في سبيل الله ، فتحسنوا فيها النفقة ، وتحتسبوا بإنفاقكم الأجر والثواب يضاعف ذلك لكم ربكم ، فيجعل لكم مكان الواحد سبع مئة ضعف إلى أكثر من ذلك مما يشاء من التضعيف يَغفرْ لكُم ذُنوبَكُم فيصفح لكم عن عقوبتكم عليها مع تضعيفه نفقتكم التي تنفقون في سبيله وَاللّهُ شَكُورٌ يقول : والله ذو شكر لأهل الإنفاق في سبيله ، بحسن الجزاء لهم على ماأنفقوا في الدنيا في سبيله حَلِيمٌ يقول : حليم عن أهل معاصيه بترك معاجلتهم بعقوبته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

استئناف بياني ناشىء عن قوله : { وأنفقوا خيراً لأنفسكم } [ التغابن : 16 ] ، فإن مضاعفة الجزاء على الإِنفاق مع المغفرة خير عظيم ، وبهذا الموقع يعلم السامع أن القرض أطلق على الإِنفاق المأمور به إطلاقاً بالاستعارة ، والمقصود الاعتناء بفضل الإِنفاق المأمور به اهتماماً مكرراً فبعد أن جُعل خيراً جُعل سببَ الفلاح وعُرف بأنه قرض من العبد لربّه وكفى بهذا ترغيباً وتلطفاً في الطلبِ إذ جُعل المنفق كأنه يعطي الله تعالى مالاً وذلك من معنى الإِحسان في معاملة العبد ربّه وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل إذ قال جبريل للنبيء عليهما الصلاة والسّلام : أخبرني عن الإِحسان فقال النبي صلى الله عليه وسلم « الإِحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك » فمما ينضوي تحت معنى عبادة الله عبادةَ من يراه أن يستشعر العبدُ أن امتثال أمر ربه بالإِنفاق المأمور به منه كأنه معاملة بين مُقرض ومستقرض .

وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : { من ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة } في سورة [ البقرة : 245 ] .

وقرأ الجمهور { يضاعفه } بألف بعد الضاد وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب { يضعِّفه } بتشديد العين مضارع ضَعَّف ، وهما بمعنى واحد وهو لفظي الضعف .

والمضاعفة : إعطاء الضِعف بكسر الضاد وهو مِثل الشيء في الذات أو الصفة . وتصدُق بمثل وبعدة أمثال كما قال تعالى : { أضعافاً كثيرة } [ البقرة : 245 ] .

وجعل الإِنفاق سبب للغفران كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الصدقة تطفىء الخطايا كما يطفىء الماء النار " .

والشكور : فَعول بمعنى فاعل مبالغة ، أي كثير الشكر وأطلق الشكر فيه على الجزاء بالخير على فعل الصالحات تشبيهاً لفعل المتفضل بالجزاء بشكر المنعَم عليه على نعمة ولا نعمة على الله فيما يفعله عباده من الصالحات . فإنما نفعها لأنفسهم ولكن الله تفضّل بذلك حثاً على صلاحهم فرتب لهم الثواب بالنعيم على تزكية أنفسهم ، وتلطف لهم فسمى ذلك الثواب شكراً وجعل نفسه شاكراً .

وقد أوما إلى هذا المقصد إتباع صفة { شكور } بصفة { حليم } تنبيهاً على أن ذلك من حِلمه بعباده دون حق لهم عليه سبحانه .