فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعِفۡهُ لَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (17)

{ وإن تقرضوا الله قرضا حسنا } فتصرفون أموالكم في وجوه الخير بإخلاص نية ، وطيب ننفس وسماه قرضا من حيث التزام الله المجازاة عليه ، وفي ذكر القرض أيضا تلطف في الاستدعاء ، وترغيب في الصدقة حيث جعلها قرضا لله ، مع أن العبد إنما يقرض نفسه ، لأن النفع عائد عليه قال القشيري : ويتوجه الخطاب بهذا إلى الأغنياء في بذل أموالهم ، وإلى الفقراء في عدم إخلاء أوقاتهم عن مراد الحق ومراقبته على مراد أنفسهم ، فالغني يقال له : آثر حكمي على مرادك في مالك وغيره ، والفقير يقال له : آثر حكمي في نفسك وقلبك ووقتك ، ذكره الخطيب .

{ يضاعفه لكم } فيجعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وقد تقدم تفسير هذه الآية في البقرة والحديد .

" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني ، ويشتمني عبدي وهو لا يدري ، يقول : وادهراه ، وادهراه ، وأنا الدهر ، ثم تلا أبو هريرة هذه الآية " أخرجه ابن جرير و الحاكم وصححه { ويغفر لكم } أي يضم إلى تلك المضاعفة غفران ذنوبكم { والله شكور حليم } يثيب من أطاعه بأضعاف مضاعفة ، ولا يعاجل من عصاه بالعقوبة .