معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

قوله تعالى : { ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد } . فيعذب بغير ذنب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

ثم صرح - سبحانه - بأنهم هم الذين جنوا على أنفسهم بوقوعهم فى العذاب المحرق فقال : { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } .

أى : ذلك العذاب الشديد الذى حاق بكم - أيها اليهو- بسبب ما قدمته أيديكم من عمل سىء ، وما نطقت به أفواهكم من قول منكر ، فقد اقتضت حكمته وعدالته ألا يعذب إلا من يستحق العذاب ، وأنه - سبحانه - لا يظلم عباده مثقال ذرة . واسم الإشارة { ذلك } يعود إلى العذاب المحقق المنزل منزلة المحسوس المشاهد . والمراد بالأيدى الأنفس ، والتعبير بالأيدى عن الأنفس من قبيل التعبير بالجزء عن الكل .

وخصت الأيدى بالذكر ، للدلالة على التمكن من الفعل وإراته ، ولأن أكثر الأفعال يكون عن طريق البطش بالأيدى ، ولأن نسبة الفعل إلى اليد تفيد الالتصاق به والاتصال بذاته .

قال الآلوسى ما ملخصه :

وقوله { وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } عطف على قوله { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } فهو داخل تحت حكم باء السببية ، وسببيته للعذاب من حيث إن نفى الظلم يستلزم العدل المقتضى إثابة المحسن ومعاقبة المسىء .

. .

وصيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب فى صورة المبالغة فى الظلم . . . وقيل إن صيغة " ظلام " للنسب كعطار أى : لا ينسب غليه الظلم أصلا " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

وأما قوله : { ذَلِكَ بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ } : أي قولنا لهم يوم القيامة : ذوقوا عذاب الحريق بما أسلفت أيديكم ، واكتسبتها أيام حياتكم في الدنيا ، وبأن الله عدل لا يجور ، فيعاقب عبدا له بغير استحقاق منه العقوبة ، ولكنه يجازي كلّ نفس بما كسبت ، ويوفي كل عامل جزاء ما عمل ، فجازى الذين قال لهم يوم القيامة من اليهود الذين وصف صفتهم ، فأخبر عنهم أنهم قالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء ، وقتلوا الأنبياء بغير حقّ ، بما جازاهم به من عذاب الحريق ، بما اكتسبوا من الاَثام ، واجترحوا من السيئات ، وكذبوا على الله بعد الإعذار إليهم بالإنذار ، فلم يكن تعالى ذكره بما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الحريق ظالما ولا واضعا عقوبته في غير أهلها ، وكذلك هو جلّ ثناؤه غير ظلام أحدا من خلقه ، ولكنه العادل بينهم ، والمتفضل على جميعهم بما أحبّ من فواضله ونعمه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ} (182)

وقوله تعالى : { ذلك بما قدمت أيديكم } توبيخ وتوقيف داخل فيما يقال لهم يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون خطاباً لمعاصري النبي عليه السلام يوم نزول الآية ، ونسب هذا التقديم إلى اليد إذ هي الكاسبة للأعمال في غالب أمر الإنسان ، فأضيف كل كسب إليها ، ثم بين تعالى : أنه يفعل هذا بعدل منه فيهم ووضع الشيء موضعه ، والتقدير : وبأن الله { ليس بظلام للعبيد } وجمع «عبداً » في هذه الآية على عبيد ، لأنه مكان تشفيق وتنجية من ظلم{[3753]} .


[3753]:- صيغة (ظلاّم) تفيد الكثرة –وقد قيل: أنه تكثير بسبب المتعلق- وذهب بعضهم إلى أن (فعّال) قد يجيء ولا يراد به الكثرة كقول طرفة: ولست بحلاّل التلاع مخافة ولكن متى يسترفد القوم أرفد. فهو لا يريد أنه قد يحل التلاع قليلا، لأن عجز البيت يدفعه، فدل على نفي البخل في كل حال، وتمام المدح لا يحصل بإرادة الكثرة- وقيل: إذا نفي الظلم الكثير اتبع القليل ضرورة، لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم- فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضرر كان للظلم القليل المنفعة أترك، وهذا ما يليق بعدل الله تعالى.