نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

ولما كان السياق هادياً إلى أن التقدير : يحسبون أن ذلك يوفر أموالهم ويحسن أحوالهم ويصلح بالهم ، زجر عنه بمجامع الزجر فقال : { كلا } أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ، ثم استأنف ذكر ما يوجب ندمهم وينبههم من رقدتهم ويعرفهم أن حب المال لا يقتضي نموه ، ولو اقتضى نموه ما اقتضى إيجابه للسعادة فقال : { إذ دكت الأرض } أي حصل دكها ورجها وزلزلتها لتسويتها فتكون كالأديم الممدود بشدة المط لا عوج فيها بوجه ، وأشار بالبناء للمفعول إلى سهولة ذلك لأن الأمر عظيم لعظمة الفاعل الحق ، ولذلك قال : { دكاً دكاً * } أي مكرراً بالتوزيع على كل موضع ذاتٍ فيها ، فيكون لكل جبل وأكمة وثنية وعقبة دك يخصه على حدته ليفيد ذلك أنه دك مبالغ فيه فتصير جبالها وأكمامها هباءً منثوراً ثم تستوي حتى لا يكون فيها شيء من عوج ، وهو كناية عن زلازل عظيمة لا تحملها الجبال الرواسي فيكف بغيرها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

قوله تعالى : { كلا إذا دكّت الأرض دكّا دكّا 21 وجاء ربك والملك صفا صفا 22 وجيئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذكرى 23 يقول ياليتني قدمت لحياتي 24 فيومئذ لا يعذب عذابه أحد 25 ولا يوثق وثاقه أحد 26 ياأيتها النفس المطمئنة 27 ارجعي إلى ربك راضية مرضية 28 فادخلي في عبادي 29 وادخلي جنتي } .

وهذه جملة أخرى من أخبار الساعة وما يقع فيها من شديد الأهوال . وهي اندكاك الأرض بتزلزلها ورجّها واضطرابها . ثم اصطفاف الملائكة صفا بعد صف مذعنين لله طائعين . ثم المجيء بجهنم على مشهد من العالمين أجمعين . وحينئذ يستيئس المجرمون وتتقطع فيهم القلوب من شدة الهول وفرط الخوف . وهو قوله : { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا } كلا ردع لهم وإنكار لفعلهم . ثم توعدهم بما يعاينونه يوم القيامة من الشدائد . وهو قوله : { إذا دكت الأرض دكا دكا } دكا ، منصوب على المصدر المؤكد . ودكا الثانية للتأكيد{[4814]} يعني : إذا رجّت الأرض وزلزلت زلزالا بعد زلزال .


[4814]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 512.