نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (242)

ولما بيّن سبحانه وتعالى هذه الأحكام هذا البيان الشافي كان كأن{[11375]} سائلاً قال : هل يبين غيرها مثلها{[11376]} ؟ فقال : { كذلك } أي مثل هذا البيان { يبين الله } {[11377]}أي الذي له الحكمة البالغة لأنه المحيط بكل شيء{[11378]} { لكم آياته } أي المرئية بما يفصل{[11379]} لكم في آياته المسموعة { لعلكم تعقلون{[11380]} * } أي لتكونوا على حال يرجى لكم معها التفكر في الآيات المسموعات والآيات المرئيات كما يفعل العقلاء فيهديكم ذلك إلى سواء السبيل ؛ وقد كرر مثل هذا القول كثيراً وفصلت به الآيات تفصيلاً{[11381]} وكان لعمري يكفي الفطن السالم من مرض القلب وآفة{[11382]} الهوى إيراده مرة واحدة{[11383]} في الوثوق بمضمونه والركون{[11384]} إلى مدلوله ، وإنما كرر تنبيهاً على بلاغة الآيات المختومة به وخروجها عن طوق{[11385]} البشر وقدرة المخلوق ، وذلك أنهم كلما سمعوا شيئاً من ذلك وهم أهل السبق في البلاغة والظفر على جميع أرباب الفصاحة والبراعة{[11386]} فرأوه فائتاً{[11387]} لقواهم وبعيداً من قدرهم{[11388]} خطر لهم{[11389]} السؤال عن مثل ذلك البيان ناسين لما تقدم من صادق الوعد وثابت القول بأن الكل على هذا المنوال البديع المثال البعيد المنال ، لما اعتراهم من دهش العقول وانبهار الألباب والفهوم .


[11375]:زيد من م ومد وظ.
[11376]:في ظ: مثله.
[11377]:ليست في ظ.
[11378]:في ظ: مثله.
[11379]:في ظ ومد: يفصله.
[11380]:في البحر المحيط 2 / 246: ما يراد منكم من التزام الشرائع والوقوف عندها لأن التبيين للأشياء مما يتضح للعقل بأول إدراك بخلاف الأشياء المغيبات والمجملات فإن العقل يرتبك فيها ولا يكاد يحصل منها على طائل قيل وفي هذه الآيات من بدائع البديع وصنوف الفصاحة النقل من صيغة افعلوا إلى فاعلوا للمبالغة وذلك في "حافظوا" والاختصاص بالذكر في "والصلاة الوسطى" والطباق المعنوي في "فإن خفتم" لأن التقير في "حافظوا" وهو مراعاة أوقاتها وهيآتها: إذا كنتم آمنين، والحذف في 'فإن خفتم" العدو وما جرى مجراه.
[11381]:في م: كثيرا.
[11382]:في ظ: إنه – كذا.
[11383]:ليس في ظ.
[11384]:في الأصل: الركوب، والتصحيح من م وظ ومد.
[11385]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: طرق – كذا.
[11386]:في مد: البراة – كذا.
[11387]:من م ومد وفي الأصل وظ: فأتيا.
[11388]:في ظ: حظرهم.
[11389]:في ظ: حظرهم.