التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (242)

{ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ { 241 } كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ { 242 } }

في الآيتين توكيد لحق المتعة والتعويض للمطلقات في نطاق العرف والعادة والأمثال . وتقرير كون هذا واجب الأداء على المتقين لغضب الله والراغبين في رضائه . وبيان بأن الله ينزل آياته ليعرف المؤمنون منها ما يجب عليهم فيعقلوه ويسيروا وفقه .

وقد روى المفسرون {[369]} أن الآيتين نزلتا بسبب فهم بعض المسلمين من جملة { حَقّاً عَلَى المُحْسِنِينَ } الواردة في الآية [ 236 ] أنهم غير ملزمين بالمتعة ، فإن أحبوا متعوا وإلاّ فلا واجب عليهم ، والرواية لم ترد في كتب الصحاح ، ولكنها محتملة الصحة . وقد وضعت الآيتان في ترتيبهما للتناسب والتقارب الموضوعي وربما نزلتا بعد سابقتهما . وقد صارتا خاتمة للفصول التشريعية المتعلقة بالطلاق والترمل وأسلوبهما متسق مع أسلوب الآيات السابقة المتعلقة بالموضوعين مستهدف ما استهدفته من حماية المرأة وتوكيد حقها .

ولقد اختلفت الأقوال التي يرويها المفسرون في المطلقات اللاتي عنتهن الآيتان . فهناك قول بأنهن المطلقات قبل المسيس اللاتي لم يسم لهن مهر تثبيتاً لحقهن الذي ذكر في الآية [ 236 ] والذي اختلف في استحبابه ووجوبه . وهناك قول بأنهن المطلقات عامة بما فيهن المدخول بهن . وقد أورد أصحاب القول الثاني آية سورة الأحزاب هذه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً { 28 } } كدليل على قولهم . وإطلاق العبارة في الآية وعلى ضوء آية سورة الأحزاب قد يجعل القول الثاني هو الأوجه . ويمكن أن يقال على ضوء هذا : إن حكمة التنزيل قد شاءت أن يكون في إمتاع المطلقة المدخول بها والتي يمضها الطلاق ويحزن نفسها على كل حال تعزية وترضية وفي هذا تمام البرّ والرحمة ، وهو ما يلحظ في التشريعات السابقة بصورة عامة .


[369]:انظر الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي