ولما كان هذا قسماً عظيماً في ذكر تلك الليالي المتضمن لذكرتلك المشاعر وما فيها من الجموع والبكاء والخضوع كما قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة :
وليلة جمع والمنازل من منى *** وهل فوقها من حرمة ومنازل
وفي تذكيره بالبعث ودلالته عليه دلالة عقلية واضحة بالإيجاد بعد الإعدام مع ما لهذه الأشياء في أنفسها وفي نفوس المخاطبين بها من الجلالة ، نبه على ذلك سبحانه وتعالى بقوله : { هل في ذلك } أي المذكور مع ما له من عليّ الأمر وواضح القدر { قسم } أي كاف مقنع { لذي } أي صاحب { حجر * } أي عقل فيحجره ويمنعه عن الهوى في درك الهوى ، فيعليه إلى أوج الهدى ، في درج العلا ، حتى يعلم أن الذي فعل ما تضمنه هذا القسم لا يتركه سدى ، وأنه قادر على أن يحيى الموتى ، قال ابن جرير : يقال للرجل إذا كان مالكاً نفسه قاهراً لها ضابطاً : إنه لذو حجر - انتهى ، فمن بلغ أن يحجره عقله عن المآثم ويحمله على المكارم فهو ذو حجر .
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : ابتدأ سبحانه لمن تقدم ذكره وجهاً آخر من الاعتبار ، وهو أن يتذكروا حال من تقدمهم من الأمم وما أعقبهم تكذيبهم واجترامهم فقال : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } إلى قوله : { إرم ذات العماد } إلى قوله : { إن ربك لبالمرصاد } أي لا يخفى عليه شيء من مرتكبات الخلائق ولا يغيب عنه ما أكنوه
{ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به } [ الرعد : 10 ] فهلا اعتبر هؤلاء بما يعاينونه ويشاهدونه من خلق الإبل ورفع السماء ونصب الجبال وسطح الأرض ، وكل ذلك لمصالحهم ومنافعهم ، فالإبل لأثقالهم وانتقالهم ، والسماء لسقيهم وإظلالهم ، والجبال لاختزان مياههم وأقلالهم ، والأرض لحلهم وترحالهم ، فلا بهذه الأمور كلها استبصروا ، ولا بمن خلا من القرون اعتبروا ، { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } على عظيم طغيانها وصميم بهتانها { إن ربك لبالمرصاد } فيتذكرون حين لا ينفع التذكر { إذا دكت الأرض دكاً وجاء ربك والملك صفاً صفاً وجيء يومئذ بجهنم ، يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى } - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.