معاني القرآن للفراء - الفراء  
{لَّوۡمَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (7)

وَقوله : { لَّوْ ما تَأْتِينا 7 }

وَلولا وَلوما لغتان في الخبر وَالاستفهام فأما الخبر فقوله { لَوْلا أَنتَمْ لكُنا مُؤْمِنِينَ } .

وقال الشاعر :

لوما هوَى عِرْسِ كُمَيت لم أُبَل *** . . .

وهما ترفعان ما بعدهما .

وَأَما الاستفهام فقوله : { لَّوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائكَةِ } وَقوله { لَوْلا أَخَّرْتَني إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } والمعنى - والله أعلم - : هلاّ أَخَّرتني .

وقد استعملت العرب ( لولا ) في الخبر وكَثُر بها الكلام حتى اسْتجازوا أن يقولوا : لولاك ولولاي ، والمعنى فيهما كالمعنى في قولك : لولا أنا ولولا أنت فقد توضع الكاف على أَنها خفض والرفع فيها الصَّواب . وذلك أنا لم نجد فيها حرفاً ظاهراً خُفِض ، فلو كان مما يَخفض لأوشكت أن ترى ذلك في الشعر ؛ فإنه الذي يأتي بالمستجاز : وإنما دعاهم إلى أن يقولوا : لولاك في موضع الرفع لأنهم يجدون المكنّى يستوي لفظه في الخفض والنصب ، فيقال : ضربتك ومررت بك ويجدونه يستوي أيضاً في الرفع والنصب والخفض ، فيقال ضربَنا ومرَّينا ، فيكون الخفض والنصب بالنون ثم يقال قمنا ففعلنا فيكون الرفع بالنون . فلَّما كان ذلك اسْتجازوا أَن يكون الكاف في موضع ( أنت ) رفعاً إذْ كان إعراب المكنّى بالدلالات لا بالحركات .

قال الشاعر :

أيطمع فينا مَن أراقَ دماءنا *** ولولاكَ لم يعرض لأحسابنا حَسَمْ

وقال آخر :

وَكَم مَوطِنٍ لَولايَ طِحتَ كَما هَوى***بِأَجرامِهِ مِن قُلَّةِ النِيقِ مُنهِوي