الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَّوۡمَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (7)

قاله كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم على وجهة الاستهزاء ، ثم طلبوا منه إتيان الملائكة دلالة على صدقه . و " لوما " تحضيض على الفعل كلولا وهلا . وقال الفراء : الميم في " لوما " بدل من اللام في لولا . ومثله : استولى على الشيء واستومى عليه ، ومثله : خالمته وخاللته ، فهو خِلْمي وخِلِّي ، أي صديقي . وعلى هذا يجوز " لوما " بمعنى الخبر ، تقول : لوما زيد لضرب عمرو . قال الكسائي : لولا ولوما سواء في الخبر والاستفهام .

قال ابن مقبل :

لوما الحياءُ ولوما الدين عبتكما *** ببعض ما فيكما إذ عبتما عَوَرِي

يريد لولا الحياء . وحكى النحاس لوما ولولا وهلا واحد . وأنشد أهل اللغة على ذلك :

تعدون عَقْر النِّيبِ أفضل مَجْدِكم*** بني ضَوْطَرَى لولا الكَمِيُّ المُقَنَّعَا{[9598]}

أي هلا تعدون الكمي المقنعا .


[9598]:البيت لجرير يهجو الفرزدق. والعقر: ضرب قوائم الناقة بالسيف. والنيب (بكسر النون): جمع ناب، وهي الناقة المسنة. وضوطرى: هو الرجل الضخم اللئيم الذي لا غناء عنده، وهي كلمة ذم وسب. والكمي: الشجاع المتكمي في سلاحه، لأنه كمي نفسه أي شدها بالدرع والبيضة. والمقنع: الذي على رأسه البيضة والمغفر.