وقوله : { وَما أَهْلَكْنا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتَابٌ مَّعْلُوم 4 }
لو لم يكن فيه الواو كان صَوابا كما قال في موضع آخر : { وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ لَها مُنْذِرُونَ } وهو كما تقول في الكلام : ما رأيت أحداً إلاّ وعليه ثياب وإن شئت : إلاّ عليه ثياب . وكذلك كل اسم نكِرة جاء خبره بعد إلاّ ، والكلام في النكرة تامّ فافعل ذلك بصلتها بعد إلاّ . فإن كان الذي وقع على النكرة ناقِصاً فلا يكون إلاّ بطرح الواو . ومن ذلك ، ما أظن درهما إلاّ كافيَك ولا يجوز إلا وهو كافيك ، لأن الظنّ يحتاج إلى شيئين ، فلا تعترضُ بالواو فيصيرَ الظنّ كالمكتفي من الأفعال باسم واحدٍ . وكذلك أخوات ظننت وكان وَأشباهُها وإنّ وأخواتها ( وإنّ ) إذا جاء الفعل بعد ( إلاّ ) لم يكن فيه الواو . فخطأ أن تقول : إن رجلاً وهو قائم ، أو أظنّ رجلا وهو قائم ، أو ما كان رجل إلاّ وهو قائم .
ويجوز في ليس خاصة أن تقول : لَيس أحد إلاّ وَهو هكذا ، لأن الكلام قد يُتوهّم تمامه بليس وبحرفٍ نكرة ألا ترى أنك تقول : ليس أحد ، وما من أحدٍ فجاز ذلك فيها ولم يَجُز في أَظنّ ، ألا ترى أنك لا تقول ما أظنّ أَحداً . وقال الشاعر :
إِذا ما سُتورُ البيت أُرخِين لم يكن *** سراج لنا إلاّ وَوَجهُك أنور
فلو قيل : إلاّ وجهك أنور كان صواباً .
وما مَسّ كفي من يد طاب ريحها *** منَ الناس إلاّ ريحُ كفَّيك أطيب
فجاء بالواو وبغير الواو . ومثله قوله : { وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِين إلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعام } فهذا الموضع لو كان فيه الواو صَلح ذلك . وإذا أدخلت في ( كَان ) جَحْداً صلح ما بعد ( إلاّ ) فيها بالواو وَبغير الواو . وإذا أدخلت الاستفهام وأَنت تنوى به الجحد صلح فيها بعد ( إلاّ ) الواو وطرح الواو . كقولك : وهَل كان أحد إلاّ وَله حرص على الدنيا ، وإلاّ له حرص على الدنيا .
فأما أَصْبَحَ وَأَمْسى وَرأيت فإنّ الواو فيهنّ أَسهل ، لأنهن /91 ا توامّ ( يعنى تامات ) في حال ، وكَان وليسَ وأظن بُنينَ على النقص .
ويجوز أن تقول : ليس أَحد إلاّ وله معاش : وإن أَلقيت الواو فصواب ، لأنك تقول : ليس أحد فتقف فيكون كلاما . وكذلك لافي التيرئة وغيرها . تقول : لاَ رجلَ ولا مِن رجل يجوز فيما يعود بذكره بعد إلاّ الواوُ وغير الواو في التمام ولا يجوز ذلك في أَظنّ من قبلَ أن الظنّ خِلْقته الإلغاء : ألا ترى أنك تقول : زيد قائم أَظنّ ، فدخول ( أَظن ) للشك فكأنه مستغنىً عنه ، وليس بنفي ولا يكون عن النفي مستغنياً لأنك إنما تخبر بالخبر على أنه كَائن أو غير كَائن ، فلا يقال للجحد : إنه فَضل من الكلام كما يقال للظنّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.