الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَّوۡمَا تَأۡتِينَا بِٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (7)

قوله تعالى : { لَّوْ مَا } حرفُ تحضيضٍ كهَلاَّ ، وتكون أيضاً حرفَ امتناعٍ لوجود ، وذلك كما أنَّ " لولا " مترددةٌ بين هذين المعنيين ، وقد عُرِف الفرقُ بينهما : وهو أنَّ التحضيضيَّةَ لا يليها إلا الفعلُ ظاهراً أو مضمراً كقولِهِ :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . لولا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا

والامتناعيةُ لا يليها إلا الأسماءُ لفظاً أو تقديراً عند البصريين . وقولُه :

ولولا يَحْسَبُون الحِلْمَ عَجْزاً *** لَمَا عَدِمَ المُسِيْئُون احتمالي

مؤولٌ خلافاً للكوفيين . فمِنْ مجئ " لَوْما " حرفَ امتناعٍ قولُه :

لَوْما الحياءُ ولوما الدينُ عِبْتُكما *** ببعضِ ما فيكما إذ عِبْتُما عَوَري

واخْتُلِف فيها : هل هي بسيطةٌ أم مركبةٌ ؟ فقال الزمخشري : " لو " رُكِّبَتْ مع " لا " ومع " ما " لمعنيين ، وأمَّا " هل " فلم تُرَكَّب إلا مع " لا " وحدَها للتحضيض . واخْتُلِف أيضاً في " لوما " : هل هي أصلٌ بنفسِها أو فرعٌ على " لولا " ؟ وأن الميمَ مبدلةٌ من اللامِ كقولهم : خالَلْتُه وخالَمْته فهو خِلِّي وخِلْمي ، أي : صديقي . وقالوا : استولى عليَّ كذا ، واستومَى عليه بمعنى ؟ خلاف مشهور . وهذه الجملةُ من التحضيضِ دالَّةٌ على جوابِ الشرطِ بعدَها .