معاني القرآن للفراء - الفراء  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

قوله عزّ وجلّ : { رُّبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ 2 }

يقال : كيف دخلت ( رب ) على فعل لم يكن ؛ لأن مودّة الذين كفروا إنما تكون في الآخرة ؟ فيقال : إن القرآن نزل وعدُه ووعيده وما كَان فيه ، حَقّا فإنه عِيان ، فجرى الكلامُ فيما لم يكن منه كمجراه في الكائن . ألا ترى قوله عز وَجل : { وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } وقوله : { وَلَوْ تَرَى إذْ فَزِعُوا } كأنه ماض وهو منتظر لصدقه في المَعْنى ، وأن القائل يقول إذا نَهى أو أَمَر فعصَاه المأمور :

أما والله لرُبِّ ندامة لك تَذكُر قولي فيها ، لعلمه أنه سيندم ، ويقول : فقول الله عَز وجل أصْدق من قول المخلوقين .