معاني القرآن للفراء - الفراء  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

ترفع { الأبواب } لأن المعْنى : مفتَّحَةً لهم أبْوَابها . والعرب تجعَل الألف واللام خَلفا من الإضافَة فيقولون : مررت على رجلٍ حَسَنةٍ العَيْنُ قبيحٍ الأنفُ والمعْنى : حسنةٍ عَينُه قبيحٍ أنفُه . ومنه قوله { فَإِنّ الجَحيمَ هي المأوَى } فالمعنَى - والله أعلم - : مأواه . ومثله قول الشاعر :

ما ولدتكم حيَّةُ بنة مالك *** سِفَاحا وما كانتْ أحاديث كاذب

ولكن نرى أقدامنا في نعالكم *** وآنفُنا بين اللحى والحواجب

ومعناه : ونرى آنفنا بين لحاكم وحواجبكم في الشبَه . ولو قال : { مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابَ } على أن تجْعَل المفتّحة في اللفظ للجنات وفي المعْنَى للأبواب ، فيكون مثل قول الشاعر :

وما قومي بثعلبة بن سَعْدٍ *** ولا بفزارة الشُعْر الرقابَا

والشُعْرى رقابا . ويروى : الشُّعْر الرقابا .

وقال عدِيّ :

مِن ولىٍّ أوْ أخى ثِقَةٍ *** والبعيد الشاحِط الدّارا

وكذلك تجعَل معنى الأبواب في نَصْبها ، كأنك أردت : مفتَّحة الأبوابِ ثم نوَّنت فنصبت . وقد يُنشَد بيت النابغة :

وناخذ بعده بذُناب دَهرٍ *** أجَبَّ الظهرَ ليسَ له سَنامُ

وأجَبِّ الظهرِ .