البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجّٗا} (4)

رجت الأرض : زلزلت وحركت تحريكاً شديداً بحيث تنهدم الأبنية وتخر الجبال .

بست الجبال : فتتت ، وقيل : سيرت ، من قولهم : بس الغنم : ساقها ، ويقال : رجت الأرض وبست الجبال لازمين .

{ إذا رجت } ، قال ابن عباس : زلزلت وحركت بجذب .

وقال أيضاً هو وعكرمة ومجاهد : { بست } : فتتت ، وقيل : سيرت .

وقرأ زيد بن علي : { رجت } ، و { بست } مبنياً للفاعل ، و{ إذا رجت } بدل من { إذا وقعت } ، وجواب الشرط عندي ملفوظ به ، وهو قوله : { فأصحاب الميمنة } ، والمعنى إذا كان كذا وكذا ، فأصحاب الميمنة ما أسعدهم وما أعظم ما يجازون به ، أي إن سعادتهم وعظم رتبتهم عند الله تظهر في ذلك الوقت الشديد الصعب على العالم .

وقال الزمخشري : ويجوز أن ينتصب بخافضة رافعة ، أي تخفض وترفع وقت رج الأرض وبس الجبال ، لأنه عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع ويرتفع ما هو منخفض . انتهى .

ولا يجوز أن ينتصب بهما معاً ، بل بأحدهما ، لأنه لا يجوز أن يجتمع مؤثران على أثر واحد .

وقال ابن جني وأبو الفضل الرازي : { إذ رجت } في موضع رفع على أنه خبر للمبتدأ الذي هو { إذا وقعت } ، وليست واحدة منهما شرطية ، بل جعلت بمعنى وقت ، وما بعد إذا أحوال ثلاثة ، والمعنى : وقت وقوع الواقعة صادقة الوقوع ، خافضة قوم ، رافعة آخرين وقت رج الأرض .

وهكذا ادعى ابن مالك أن إذا تكون مبتدأ ، واستدل بهذا .

وقد ذكرنا في شرح التسهيل ما تبقى به إذا على مدلولها من الشرط ، وتقدم شرح الهباء في سورة الفرقان .