البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (78)

الجلال : العظمة . قال الشاعر :

خبر ما قد جاءنا مستعمل *** جل حتى دق فيه الأجل

وقرأ الجمهور : { ذي الجلال } : صفة لربك ؛ وابن عامر وأهل الشام : ذو صفة للاسم ، وفي حرف .

أبي عبد الله وأبيّ : ذي الجلال ، كقراءتهما في الموضع الأول ، والمراد هنا بالاسم المسمى .

وقيل : اسم مقحم ، كالوجه في { ويبقى وجه ربك } ، ويدل عليه إسناد { تبارك } لغير الاسم في مواضع ، كقوله : { تبارك الله أَحسن الخالقين } { تبارك الذي إن شاء } { تبارك الذي بيده الملك } .

وقد صح الإسناد إلى الاسم لأنه بمعنى العلو ، فإذا علا الاسم ، فما ظنك بالمسمى ؟

ولما ختم تعالى نعم الدنيا بقوله : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } ، ختم نعم الآخرة بقوله : { تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام } وناسب هنالك ذكر البقاء والديمومة له تعالى ، إذ ذكر فناء العالم ؛ وناسب هنا ذكر ما اشتق من البركة ، وهي النمو والزيادة ، إذ جاء ذلك عقب ما امتن به على المؤمنين ، وما آتاهم في دار كرامته من الخير وزيادته وديمومته ، ويا ذا الجلال والإكرام من الصفات التي جاء في الحديث أن يدعى الله بها ، قال صلى الله عليه وسلم : « ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام » .