الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجّٗا} (4)

قوله : { إِذَا رُجَّتِ } : يجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ " إذا " الأولى ، أو تأكيداً لها أو خبراً لها على أنها مبتدأةٌ كما تقدَّم تحريرُ هذا جميعِه ، وأَنْ يكونَ شرطاً ، والعامل فيها : إمَّا مقدَّرٌ وإمَّا فِعْلُها الذي يليها كما تقدَّم في نظيرتِها . وقال الزمشخري : " ويجوز أَنْ تنتصِب بخافضة رافعة ، أي : تَخْفِضُ وترفعُ وقتَ رَجِّ الأرض وبَسِّ الجبالِ ، لأنه عند ذلك ينخفضُ ما هو مرتفعٌ ويرتفعُ ما هو منخفضٌ " . قال الشيخ : " ولا يجوزُ أَنْ تنتصِبَ بهما معاً بل بأحدِهما ، لأنه لا يجتمعُ مؤثِّران على أثرٍ واحد " . قلت : معنى كلامِه أنَّ كلاً منهما متسلِّطٌ عليه من جهة المعنى ، وتكونُ المسألة من التنازع ، وحيئنذٍ تكون العبارةُ صحيحةً إذ يَصْدُقُ أنَّ كلاً منهما عاملٌ فيه ، وإن كان على التعاقُب .

والرَّجُّ : التحريكُ الشديدُ بمعنى زُلزلت . وبُسَّت الجبالُ : سُيِّرت مِنْ قولهم : بَسَّ الغنمَ ، أي : ساقَها أو بمعنى فُتِّتَتْ كقوله : { يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } [ طه : 105 ] يدلُّ عليَه { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } . وقرأ زيد بن علي " رَجَّتْ " و " بَسِّتْ " مبنيين للفاعل على أنِّ رجَّ وبَسَّ يكونان لازمَيْن ومُتَعَدِّيَيْن ، أي : اُزِيحت وذهَبَتْ . وقرأ النخعي " مْنْبَتَّاً " بنقطتين مِنْ فوق ، أي : متقطعاً من البَتِّ . ومعنى الآية يَنْبو عنه .