هذه السورة مكية ، ومناسبتها لما قبلها تضمن العذاب للمجرمين ، والنعيم للمؤمنين . وفاضل بين جنتي بعض المؤمنين وجنتي بعض بقوله : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } فانقسم العالم بذلك إلى كافر ومؤمن مفضول ومؤمن فاضل ؛ وهكذا جاء ابتداء هذه السورة من كونهم أصحاب ميمنة ، وأصحاب مشأمة ، وسباق وهم المقربون ، وأصحاب اليمين والمكذبون المختتم بهم آخر هذه السورة .
{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } .
وقال ابن عباس : الواقعة من أسماء القيامة ، كالصاخة والطامّة والآزفة ، وهذه الأسماء تقتضي عظم شأنها ، ومعنى { وقعت الواقعة } : أي وقعت التي لا بد من وقوعها ، كما تقول : حدثت الحادثة ، وكانت الكائنة ؛ ووقوع الأمر نزوله ، يقال : وقع ما كنت أتوقعه : أي نزل ما كنت أترقب نزوله .
وقال الضحاك : { الواقعة } : الصيحة ، وهي النفخة في الصور .
وقيل : { الواقعة } : صخرة بيت المقدس تقع يوم القيامة .
والعامل في إذا الفعل بعدها على ما قررناه في كتب النحو ، فهو في موضع خفض بإضافة إذا إليها احتاج إلى تقدير عامل ، إذ الظاهر أنه ليس ثم جواب ملفوظ به يعمل بها .
فقال الزمخشري : فإن قلت : بم انتصب إذا ؟ قلت : بليس ، كقولك : يوم الجمعة ليس لي شغل ، أو بمحذوف يعني : إذا وقعت ، كان كيت وكيت ، أو بإضمار اذكر . انتهى .
أما نصبها بليس فلا يذهب نحوي ولا من شدا شيئاً من صناعة الإعراب إلى مثل هذا ، لأن ليس في النفي كما ، وما لا تعمل ، فكذلك ليس ، وذلك أن ليس مسلوبة الدلالة على الحدث والزمان .
والقول بأنها فعل هو على سبيل المجاز ، لأن حد الفعل لا ينطبق عليها .
والعامل في الظرف إنما هو ما يقع فيه من الحدث ، فإذا قلت : يوم الجمعة أقوم ، فالقيام واقع في يوم الجمعة ، وليس لا حدث لها ، فكيف يكون لها عمل في الظرف ؟ والمثال الذي شبه به ، وهو يوم القيامة ، ليس لي شغل ، لا يدل على أن يوم الجمعة منصوب بليس ، بل هو منصوب بالعامل في خبر ليس ، وهو الجار والمجرور ، فهو من تقديم معمول الخبر على ليس ، وتقديم ذلك مبني على جواز تقديم الخبر الذي لليس عليها ، وهو مختلف فيه ، ولم يسمع من لسان العرب : قائماً ليس زيد .
وليس إنما تدل على نفي الحكم الخبري عن المحكوم عليه فقط ، فهي كما ، ولكنه لما اتصلت بها ضمائر الرفع ، جعلها ناس فعلاً ، وهي في الحقيقة حرف نفي كما النافية .
ويظهر من تمثيل الزمخشري إذاً بقوله : يوم الجمعة ، أنه سلبها الدلالة على الشرط الذي هو غالب فيها ، ولو كانت شرطاً ، وكان الجواب الجملة المصدرة بليس ، لزمت الفاء ، إلا إن حذفت في شعر ، إذ ورد ذلك ، فنقول : إذا أحسن إليك زيد فلست تترك مكافأته .
ولا يجوز لست بغير فاء ، إلا إن اضطر إلى ذلك .
وأما تقديره : إذا وقعت كان كيت وكيت ، فيدل على أن إذا عنده شرطية ، ولذلك قدر لها جواباً عاملاً فيها .
وأما قوله : بإضمار اذكر ، فإنه سلبها الظرفية ، وجعلها مفعولاً بها منصوبة باذكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.