أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ هُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِۦ لَخَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (31)

شرح الكلمات :

{ من الكتاب } : أي القرآن الكريم .

{ مصدقا لما بين يديه } : أي من الكتب السابقة كالتوراة والإِنجيل .

المعنى :

قوله تعالى { والذي أوحينا إليك من الكتاب } أي القرآن الكريم هو { الحق } أي الواجب عليك وعلى أمتك العمل به لا ما سبقه من الكتب كالتوراة والإِنجيل ، { مصدقاً لما بين يديه } أي أمامه من الكتب السابقة ، وقوله { إن الله بعباده لخبير بصير } فهو تعالى يعلم أن الكتب السابقة لم تصبح تحمل هداية الله لعباده لما داخلها من التحريف والتغيير فلذا مع علمه بحاجة البشرية إلى وحي سليم يقدم إليها فتكمل وتسعد عليه متى آمنت به وأخذته نوراً تمشى به في حياتها المادية هذه أرسلك وأوحى إليك هذا الكتاب الكريم وأوجب عليك وعلى أمتك العمل به .

الهداية

من الهداية :

- وجوب العمل بالقرآن الكريم عقائد وعبادات وآداباً وأخلاقاً وقضاء وحكماً .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ هُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِۦ لَخَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (31)

ولما كانت ترجمة الآية أن العلماء هم حملة الكتاب ، وبدأ سبحانه بأدنى درجاتهم ، وكان ذلك مما يرغب في الكتاب ، أتبعه ترغيباً هو أعلى منه ، فقال عاطفاً على قوله في تقرير الأصل الثاني الذي هو الرسالة{ إنا أرسلناك بالحق }[ البقرة : 119 ] وأكده دفعاً لتكذيب المكذبين به : { والذي أوحينا } أي بما لنا من العظمة { إليك } وبين قدره بمظهر العظمة وقال مبيناً للوحي : { من الكتاب } أي الجامع لخيري الدارين . ولما كان الكتاب لا يطرقه نوع من أنواع التغير لأنه صفة من لا يتغير قال : { هو الحق } أي الكامل في الثبات ومطابقة الواقع له لا غيره من الكلام ؛ وأكد حقيته بقوله : { مصدقاً لما بين يديه } أي من الكتب الماضية الآتي لها الرسل الداعون إلى الله المؤيدون بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة .

ولما دل سبحانه على أن العلم هو الحقيقة الثابتة ، وما عداه فهو محو وباطل ، ودل على أن التالين لكتابه الذي هو العلم هم العلماء ، وغيرهم وإن كانوا موجودين فهم بالمعدومين أشبه ، ودل على أن الكتب الماضية وإن كانت حقاً لكنها ليست في كمال القرآن ، لأن الأمر ما دام لم يختم فالزيادة متوقعة فيه بخلاف ما إذا وقع الختم فإنه لا يكون بعده زيادة ترتقب ، وكان ربما تراءى لأحد في بعض المتصفين بذلك غير ذلك ، قال تعالى إعلاماً بأن العبرة بما عنده لا بما يظهر للعباد ، وأكده تنبيهاً على أن هذا المعنى مما تعقد عليه الخناصر وإن تراءى لأكثر الناس خلافه ، أظهر الاسم الأعظم لحاجة المخبرين هنا إليه لأنهم البر والفاجر : { إن الله } أي الذي له جميع صفات الكمال . ولما كان الإنسان أعلم بمن يربيه ولا سيما إن كان مالكاً له قال : { بعباده لخبير } أي عالم أدق العلم وأتقنه ببواطن أحوالهم { بصير * } أي بظواهر أمورهم وبواطنها أي فهو يسكن الخشية والعلم القلوب على ما أوتوا من الكتاب في علمه وتلاوته وإن تراءى لهم خلاف ذلك ، فأنت أحقهم بالكمال لأنك أخشاهم وأتقاهم ، فلذلك آتيناك هذا الكتاب ، فأخشاهم بعدك أحقهم بعلمه .