{ في أكنة } : أي أغطية جمع كنان : ما فيه يكن الشيء ويستر .
{ وفي آذاننا وقر } : أي ثقل فلم نطق السمع .
{ ومن بيننا وبينك حجاب } : أي مانع وفاصل بيننا فلا نسمع ما تقول ولا نرى ما تفعل .
وقوله { بشيراً ونذيراً } وحال كونه أيضا بشيراً لأهل الإِيمان وصالح الأعمال بالفوز بالجنة والنجاة من النار ؟ ونذيراً للمشركين المكذبين من عذاب النار ، وقوله تعالى : { فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون } يخبر تعالى أنه مع بيان الكتاب ووضوح ما جاء به ودعا إليه من التوحيد والخير أعرض أكثر كفار قريش عنه ولم يلتفتوا إليه فهم لا يسمعونه ولا يريدون سماعه بحال .
- اشتمال القرآن على أسلوب الترغيب والترهيب وهي البشارة والنَّذارة .
{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي : بشيرًا بالثواب العاجل والآجل ، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل ، وذكر تفصيلهما ، وذكر الأسباب والأوصاف التي تحصل بها البشارة والنذارة ، وهذه الأوصاف للكتاب ، مما يوجب أن يُتَلقَّى بالقبول ، والإذعان ، والإيمان ، والعمل به ، ولكن أعرض أكثر الخلق عنه إعراض المستكبرين ، { فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } له سماع قبول وإجابة ، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا ، تقوم عليهم به الحجة الشرعية .
ولما كان حال الإنسان إن مال إلى جانب الخوف الهلع أو إلى جانب الرجاء البطر ، فكان لا يصلحه إلا الاعتدال ، بالتوسط الموصل إلى الكمال ، بما يكون لطبعه بمنزلة حفظ الصحة ودفع المرض لبدنه ، قال واصفاً ل " قرآناً " { بشيراً } أي لمن اتبع { ونذيراً } أي لمن امتنع فانقطع . روى أبو نعيم في الحلية في ترجمة إمامنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه أنه روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجه أنه قال في خطبة له : وأعجب ما في الإنسان قلبه ، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها إن سنح له الرجاء ادلهمه الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن سعد بالرضى نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف شغله الحزن ، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع ، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة شغله البلاء ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، فكل تقصير به مضر وكل إفراط به مفسد .
ولما كانت عادتهم دوام الاحتياط في كل بشارة ونذارة بأمر دنيوي ، سبب عن هذا مخالفتهم لعادتهم في ترك الحزم بالجزم بالإعراض فقال : { فأعرض أكثرهم } أي عن تجويز شيء من بشائره أو نذائره { فهم } لذلك { لا يسمعون * } أي يفعلون فعل من لا يسمع فهم لا يقبلون شيئاً مما دعا إليه وحث عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.